تتعدد آليات استخدام التراث في الأدب العربي الحديث والمعاصر، ولا سيما في النصوص الدرامية؛ ذلک لأن المسرح أکثر الفنون الأدبية استيعابا للتراث وتمثلا له، ويحاول البحث الإجابة عن الأسئلة الآتية : ما التراث ؟ ما الآليات التي استخدمها الکاتب المسرحي المصري ؟ ما الهدف من استخدام تلک الآليات ؟ کيف استخدم الکاتب المسرحي هذه الآليات في النص الدرامي ؟
ثم ينتقل البحث إلى التطبيق من خلال تحليل نص درامي مصري معاصر وهو مسرحية ( العذراء القرطاجية ) للکاتب محمد سيد عمر، التي صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية في عام 2014م، وذلک من خلال المحاور الآتية : الخلفية التاريخية لمسرحية العذراء القرطاجية، تأثير رواية ( سلامبو ) لفلوبير في النص، الجو الأسطوري في النص، توظيف التقنيات التراثية العربية ( خيال الظل ).
ووجد الباحث أن هذا النص زاخر بالمؤثرات التراثية على اختلاف أنواعها على النحو التالي:
- وظف الکاتب التاريخ القديم الذي يتعلق بمدينة قرطاجة والصراع الذي دار فيها منذ عدة قرون، ليربط الماضي بالحاضر، وليدع النص الدرامي يتکلم بما لا تستطيع الألسنة أن تنطق به.
- استوحى الکاتب الأسطورة حتى إنه وضع الجمالي في خدمة المعرکة السياسية، وعمل على إذابة الشکل المسرحي في صراع الأفکار.
- تناص الکاتب مع رواية فلوبير التي نهج نهجها وترسم خطى صاحبها، حتى أنتج عملا دراميا سياسيا بامتياز، ولکنه خالفه بأن قام بربط التراث بواقع التطورات السياسية المعاصرة.
- استخدم الکاتب خيال الظل من أجل المزج بين ما هو غربي في بنيته، وما هو عربي في هيئته، کذلک للانتقال من الواقع إلى الخيال والعکس بأسرع وسيلة.