يدرس البحث عنصري الراوي والمروي له في حکايات (کليلة ودمنة)، ونبعت فکرته الرئيسة من اندراج هذا العمل ضمن نوع القص بصورة مؤکدة، ومن ثم فدراسة عناصره السردية أمر له أهميته؛ إذ تسهم في توضيح مدى الارتکاز عليها، وأساليب تصويرها، وکيفية إسهام کل عنصر في تشکيل البنية السردية لکل نص على حدة، وللعمل القصصي کله، أي الحکاية الإطارية الکلية، وما تتضمنه من حکايات إطارية وفرعية، هذا بالنظر إلى العنصر السردي ذاته، وإلى علاقته بغيره من العناصر.
وهدف البحث إلى الإجابة عن بعض التساؤلات، منها: ما خصائص الراوي والمروي له في (کليلة ودمنة)؟ وما وظائفهما؟ وهل أسهمت علاقة الراوي بالمروي له، وخصائصهما ووظائفهما في تولّد الرؤية السردية في الحکايات الرمزية، وفي الکتاب برمته؟ وهل ثمة آثار للراوي والمروي له على البنية السردية للنصوص التي ظهرا فيها؟ کما جاء البحث في خمسة مباحث، هي: خصائص الراوي والمروي له - وظائف الراوي والمروي له - ثبات البنية السردية - مرونة البنية السردية - علاقة الراوي بالمروي له، والموقف من المروي، وخاتمة.
وأمکن تحديد طبيعة أنماط الراوي والمروي له، عبر تحديد المستويات السردية التي ظهرت الحکايات من خلالها، فثمة راو ومرو له ضمن کل مستوى، وثمة حکايات متسلسلة، وأخرى متتابعة؛ بما يشي بإمکانية تنوع الرواة والمروي لهم. کما اتضح أن علاقات المروي له بالراوي قد أسهمت في تشکيل البنية السردية للحکايات المروية بأساليب خاصة؛ لذا فإن تنوّع هذه العلاقات أدّى إلى اختلاف البنى السردية وتنوّعها، وأمکن تحديد علاقتين رئيستين للعلاقات بين الراوي والمروي له، وهما علاقتا التأييد/القبول، والاعتراض/الرفض، تفرّع عن کليهما ثلاث حالات سردية، بما يفرز ست حالات للبنية السردية للحکايات الرمزية في کليلة ودمنة.