مستخلص الدراسة: الاحتجاج في أبسط مفاهيمه هو الاعتراض على أمر ما، وقد ظهر بوصفه مکونًا أساسيًّا في المجتمعات العربية والغربية على حد سواء، ولکنه ظهر جليا في الدول العربية التي وقعت تحت وطأة الاستعمار، ومع ظهور الأنظمة القمعية في بعض الدول العربية، وتردّي الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية تطورت صورة الاحتجاج في العصر الحديث، وباتت جموع الشعوب العربية في تلک الدول على حافة الهاوية، وأصبحت تَـتَحيّن اللحظة المناسبة لتعلن- صراحة - مقاومتها ورفضها للتهميش والإقصاء وکل الممارسات الديکتاتورية.
الشعارات والهُتافات کانت وسيلة تلک الجموع لإعلان احتجاجها، والتأثير في غيرها ممن يخشى بطش الحُکّام لو أظهر مقاومته واحتجاجه، أو ربما تعوزه ثقافة الاحتجاج التي يستطيع من خلالها المطالبة بحقوقه المنهوبة والدفاع عن مقدّراته المشروعة.
ولأن الاحتجاج في الشعارات الثورية يصدر عن شعور جمعي في سياق تاريخي وجغرافي واحد، فإننا نُلفِيه محمّلًا بالمدلولات الثقافية؛ إذ يعکس بملفوظاته وتراکيبه أحوال المجتمع المتردية سياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا, يعتمد المتکلم/ الباثّ فيه على موروثه اللغوي المختزن والمکتسب, ليکون أداة ناجعة في إنجاز رسالة خاصة, وفق سياقات وأحوال متغيرة، وعلى قدر قوة تلک المتغيرات, تکون قوة خطاب الاحتجاج باعتباره أداةً لتجسيد مطالب الشعب، لمن يهمه الأمر راعيًا کان أم رعية. وخطاب الاحتجاج في الشعارات الثورية ذو خصائص تلفظية ومقامية, ولا يخلو من مقاصد تأثيرية إقناعية, فضلا عن کونه فعلا تداوليًّا، مما يعطي مشروعية مقاربته من منظور تداولي حجاجي.