يعدُّ هذا البحثُ مقاربةً لمجموعةٍ من الاستراتيجيات، التي أنجز من خلالها عمرو بن مسعدة - أحد کتّاب العصر العباسي- أغراضَه في الرسالة التي بعث بها إلى الخليفة المأمون، تلک الرسالة التي عالج من خلالها أزمةَ تأخر رواتب الجند في خراسان، وقد نجحت بما توافر لها من خصائص في فض التنازع  فيما بين الجند والخلافة العباسية آنئذ.
ومن خلال منهج التحليل النقدي للخطاب بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات المکملة، حاول البحث أن يتتبع هذه الاستراتيجيات في خطاب سياسي ارتبط بالسلطة العباسية، فبدأنا بتناول سياقاته المباشرة والمستترة، في محاولة لاستکشاف علاقة الرسالة بالواقع المتشابک من حولها، ولکي نحدِّدَ الأطراف المشارکة في الحدث الخطابي، ثم حللنا استراتيجيات إدارة الأزمة في الخطاب، وقد توزَّعتْ فيما بين استراتيجية إعادةِ بناء سياقٍ بديل، وتوظيف إمکانات اللغة ومستوياتها، واستراتيجيات أخرى حجاجية إقناعية، وتداولية إنجازية، کما ضمت أيضا المسکوت عنه، والتلاعب المشروع، والاستمالات.