في ظل الثورة الاتصالية الجديدة التي يعيشها العالم اليوم، وفي عصر ثورة المعرفة وتکنولوجيا الاتصالات التي أصبح العالم فيها قرية واحدة، يشهد العالم تفجرا معرفيا هائلا سواء في تنوع المعارف أو کميتها بشکل مطرد، حتى سمي هذا العصر بعصر التفجر المعرفي، إذ تعدّ الإنترنت من أبرز هذه المستحدثات التي فرضت نفسها على المستوى العالمي، خلال السنوات القليلة الماضية ، حتى أصبحت أسلوبا للتعامل اليومي، و نمطا للتبادل المعرفي بين شعوب العالم المتقدّم، کما أن الانتشار السريع لهذه الشبکة جعلها من أحد معالم العصر الحديث، حتى أنّ البعض، أطلق عليه عصر الانترنت أو عصر الثورة المعلوماتية.
و قد أکدت أبحاث عديدة الأثر القوي للبحث العلمي في الإنتاج و التطور الاقتصادي والتقدم التقني، فخلف کل مظاهر التقدم هذه، تکمن جهود العلماء الباحثين في مختبراتهم، وإنجازاتهم المبتکرة في کل المجالات، فمؤسسات البحث العلمي تلعب دورا مهما في تطوير الإنشاءات، و ضمان نجاح التخطيطات الاقتصادية و تصحيحها وتقييمها، کما تؤدي البحوث إلى حدوث اکتشافات علمية تؤثر في طبيعة فهم الإنسان ونظرته إلى العالم، و في کشف مناطق جديدة من المعلومات و الاحتمالات التطبيقية التي تتحول إلى وسائل وأدوات تکنولوجية للإنتاج و المواصلات و غيرها.
إن اعتماد الجامعة على هذه الوسائل قاد إلى تغييرات في الکثير من السياقات التقليدية للمهام الجامعية، و تمثل ذلک في إعادة ابتکار الأنشطة البحثية و التدريسية بواسطة طرق جديدة أتاحها اندماج المعلومات و تکاملها في مواقع إلکترونية يمکن المشارکة فيها، و بات ممکنا في ظل إتباع تلک الطرق، إدخال تغييرات جذرية في طبيعة إدارة شؤون الجامعة، التي أصبحت تعتمد على التکنولوجية العلمية و التقنية المتقدمة، من أجل رسم مسارات تتعلق بجميع الأطراف المعنيين.
و عليه فإنّ دراسة استخدام الانترنت في البحث العلمي لدى الأساتذة الجامعيين يعدّ أمرا مهما ضروريا، و من شأنه أن يسهم في رسم صورة حيّة للواقع الجامعي في جامعة الجزائر، و يمهد لتطوير السياسة التکنولوجية في التعليم العالي، لهذا تحاول هذه الورقة البحثية التعرف على طبيعة استخدام الأساتذة الجامعيين للانترنت في البحث العلمي والإشباعات المحققة من هذا الاستخدام.