التربية الإعلامية ذات أثر ملموس في صناعة التغيير المنشود في الرؤى والمفاهيم والتطبيقات التربوية المدرسية. وقليل من المدارس تهتم بتقديم خدمات التربية الإعلامية على الصعيد المدرسي رغم الأهمية القصوى لها في تشکيل الذات أو إعادة تشکيلها. ويتميز العصر الحاضر بکثافة العناصر الثقافية وسرعة تفاقمها وانتشارها وتداخلها وشدة تأثيرها إلى درجة لا يمکن معها مجاراتها ومتابعتها، إلا إن التربية الإعلامية يمکنها أن تساعد المربين على ضبط هذه التأثيرات وترشيدها وبلورتها في إطار يخدم الأهداف المنشودة. ومن أبرز القضايا المعاصرة التي تعنى بها التربية الإعلامية تثقيف الناشئة بسبل فهم الأمور وتقديرها، وسبل التعايش مع الآخرين، واستيعاب مقتضيات العصر الحديث، وآليات التفاعل مع العولمة، وتعبئة الشباب لمواجهة الأحداث الجارية الطارئة وغير الطارئة، وتمکينهم من المهارات التي تعينهم على المواجهة عوضاً عن الخوف والاستسلام أو الانعزال، کما تعنى التربية الإعلامية بمساعدة الطلاب على فهم حقوقهم وواجباتهم، وتقدير قيم الشورى، والإخلاص، وحب الوطن، والانتماء الصحيح، واحترام الآخر، والحرية العادلة، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الانحرافات الفکرية والمنحرفين وفق الطرق المناسبة لذلک. وتوفر التربية الإعلامية مساحة کبيرة من الفرص المواتية لمعالجة المشکلات النفسية والثقافية والاجتماعية التي يعاني منها الطلاب في المدرسة کمشکلة الأمية الحضارية، والأمية التکنولوجية، والأمية السياسية، علاوة على التوترات التي تنشأ بفعل الاتصال مع الآخرين، وعدم الألفة. وتلعب التربية الإعلامية دوراً بارزاً في إکساب الطلاب الثقافة الاجتماعية النقية، وامتلاکهم مهارات النقد والتقويم والتحليل وحل المشکلات والربط بين الأشياء وبين المتغيرات، والمهارات الترکيبية، ومهارات الحديث والقراءة والکتابة والمهارات الاجتماعية والثقافية التي تساعدهم على الاتصال الفعال، وتمکنهم من استيعاب الخصوصيات الثقافية في علاقتها مع العموميات والمتغيرات الثقافية الأخرى. وإلى جانب ذلک، فإن التربية الإعلامية تساعد على تکوين نموذج القدوة الحسنة لدى الطلاب في المدرسة، وامتلاک الطلاب مهارات الخطابة والعرض والحوار وحسن تقدير الإنجازات، والتحمل والصبر، وتعزيز مفاهيم اجتماعية وصحية بالغة الأهمية لديهم. کما إن التربية الإعلامية يمکن تقديمها بصورة وألوان شتى، وتستخدم فيها وسائط عديدة کالمعلمين والمناهج الدراسية، والإذاعة والصحافة المدرسية، والأنشطة اللاصفية والمعارض المدرسية، والحفلات والمهرجانات والمناسبات التي تقيمها المدارس سنوياً أو فصلياً أو حسب المقتضيات التي تقوم من أجلها، إلى جانب الفنون المدرسية على اختلافها وذلک بغية إعداد الطالب لکي يکون عضواً فاعلاً في مجتمعه يملک اتجاهات إيجابية نحو الناس ونحو الأشياء ونحو العمل ونحو الإنتاج، ومشارکاً فاعلاً في علاج مشکلات بيئته ومجتمعه، وقادراً على تحقيق شروط المواطنة السليمة في تصرفاته وسلوکياته برمتها.