نظراً لما للبحر الأحمر من أهمية جيوسياسية وجيوستراتيجية على صعيد الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، وکونه أحد أهم طرق الربط البحري في العالم، وبالتالي تأثيره على خارطة التجارة والاقتصاد والسياسة العالمية، مما جعله بذلک محطاً للاهتمام، وموضوعاً للبحث والتقصي والتحليل في العديد من الدراسات والأبحاث. وعليه قامت هذه الدراسة بالتتبع التاريخي للحضارات التي سيطرت على البحر الأحمر أو جزء من أجزاءه، بالإضافة إلى دراسة سياسات القوى الدولية والإقليمية تجاه البحر الأحمر. توصلت الدراسة إلى أن المناطق المطلة على البحر الأحمر احتلت أهمية کبرى على الصعيد العالمي والإقليمي، لأهميتها الاستراتيجية، والسياسية، والاقتصادية. وبحکم کون البحر الأحمر طريقاً بحرياً استراتيجياً، فقد أصبح أحد بؤر الصراع الدولي، وجزئاً هاماً من الاستراتيجية العالمية، ما حفّز الدول الکبرى للسعي لإحکام السيطرة عليه، وإيجاد موطئ قدم فيه، مما جعل لهذا الصراع والتدخل الأجنبي في المنطقة وثقافتها وحضارتها الأثر الکبير في حساسية هذه المنطقة منذ الأزل، وستظل هذه الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر هي الأساس کمحور للصراع حوله. کما توصلت إلى أن تاريخ البحر الأحمر يعد اختزالاً مثالياً لتاريخ العلاقات الدولية، التي تقوم منذ القدم على توازن القوى يبن الدول صاحبة النفوذ، وقد ترتب على ذلک مواقف وسلوک انتهجته هذه الدول لتحقيق مطالبها بما في ذلک بسط سيطرتها ونفوذها مما کان له أثره البالغ على المناطق المطلة على البحر الأحمر. وأوصت الدراسة بإيجاد منظمة إقليمية تجمع الدول العربية المطلة على البحر الأحمر (على شاکلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي) تحت إطار مبادئ الجامعة العربية، للعمل في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسکرية، بهدف التکامل وتوحيد السياسات والرؤى بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر. وأن تعمل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر على إبعاد المنطقة من الاستقطاب الدولي والإقليمي، مهما کانت الظروف التي تدفعها لمثل هذا الاستقطاب، والسعي للقضاء على أي أطماع دولية وإقليمية تهدد الأمن القومي للدول العربية المطلة على البحر الأحمر.