تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أکثر البؤر احتمالا للتأثر بمشکلات المياه ، فهى منطقة ذات خصوصية ثقافية واجتماعية واقتصادية ، ناهيک عن الخصوصية السياسية التى تلقى بآثارها على جميع الأمور ، لتضيف المزيد من التعقيد والتشابک على القضايا الحيوية التى تمس أمن المواطن بتلک المنطقة . ومن بين تلک القضايا تعتبر المياه أهم موضوعات الساعة ، فعلى المستوى العالمى نجد أن الدراسات والإحصائيات المختلفة تؤکد أن نصف سکان العالم عام 2025 لن يجدوا مياها للشرب ، وأن هناک طفلا يموت کل 8 ثوانى بسبب النقص الخطير في المياه العذبة . وبالنسبة لبلدان المنطقة ، يشير تقرير " من الندرة الـى الأمـان – 1995 " الصادر عن البنک الدولى ، إلى أن المياه التى تملکها بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ـ التي تقارب 5% من سکان العالم ـ تمثل أقل من 1% من المصادر المائية المتجددة فى العالم . وفــى تقرير آخر للبنک تحت عنوان " البنک الدولى والمياه – مارس 2001 " نجده يؤکد على أن التحدي لمستقبل إدارة المياه يتزايد، مشيرا إلى أن 29 دولة يبلغ تعدادها 436 مليون نسمة قد عانت من شبح ندرة المياه في عام 1995 . ومن المتوقع أن تواجه حوالى 48 دولة نفس المصير بحلول عام 2025 ، کما سيتزايد عدد السکان الذين سيعانون الى 1.4 بليون نسمة معظمهم فى الدول الأقل نموا . وفى عام 2035 يتوقع أن يعيش حوالى 3 بليون نسمة فى بلدان تعانى ضغطا مائيا . أضف إلى ذلک أن عديد من البلدان ذات المياه المحدودة تعتمد على مياه مشترکة مما يزيد من احتمالية تزايد المخاطر ( کما فى حالة انهار الفرات والأردن والنيل ). ذلک الواقع يفرض على دول المنطقة حتمية القيام بمراجعة أساليب إدارة المياه القائمة حاليا ، فالأزمة ذات أبعاد متعددة واحتوائها يعنى أمن وسلامة شعوب المنطقة ، التى أصبحت غير قادرة عن ضمان الأمن الغذائى لشعوبها .