الأسطورة في شعر البردوني عنوان خُيل إليّ - بداية - أنه عمل يسير ، وما أن بدأت البحث والتنقيب حتى وجدتني أمام سيل من المصطلحات المتداخلة والتي تحتاج إلى وقت أطول مما أملک للإحاطة بها ، فأول ما واجهني صعوبة تحليل المصطلح (الأسطورة) فقلما يتفق باحثان حول مفهوم محدد للأسطورة : فمنهم من يراها خرافة، ومنهم من يراها حقيقة، ومنهم من لا يفرق بينها وبين التاريخ، وبينها وبين الخرافة، ومنهم من يراها محض أکاذيب، ومنهم من يرى أن لها امتدادا في حقل الواقع. وآخر يرى أن الشخصية التاريخية التي کان لها دورها الإنساني في صنع التاريخ والدفاع عن بني البشر تصبح مع الصيرورة التاريخية رؤية أسطورية وحالة جمالية تفوق حد التخييل ، إن الاختلاف في تحديد ماهية الأسطورة وبواعثها ومکوناتها أدى إلى إخضاعها إلى مناهج فکرية عديدة تعاملت معها وفسرتها، وقد خضعت هذه المناهج بدورها لنزعات الرؤية الفردية ذات الاتجاهات المتباينة في التطرف والاعتدال، والعلمية والغيبية وقد اقتصرت في بحثي على الأسطورة بمعناها الذي يقصي الرموز الدينية والتاريخية واستبعدت الحکايات الشعبية ، ليکون البحث أکثر ترکيزاً . وبعد أن انتهيت من اشکالية المصطلح بدأت في دراسة حياة الشاعر وشعره فوجدت شاعراً أثرى الساحة الشعرية بقصائد تستحق المزيد من الدراسات فقد مثلت" تجربة الشاعر البردوني إنجازاً ريادياً , على صعيد تحديث القصيدة الشعرية اليمنية في إطار المشهد اليمني کمحيط شعري , يفيد من سبق المرکز وإنجازاته , ويشارک , في الوقت نفسه , بنماذج شعرية ناضجة ضمن الحراک الشعري الحداثي.