إنّ اللغة العربية هي العروة الوثقى، التي تجمع بين الشعوب العربية، والشعوب الإسلامية، التي شارکت في ازدهار الثقافة العربية الإسلامية. وبهذا المعنى فإن الوفاق العربي والتضامن الإسلامي، لا بد أن يقوما على هذا الأساس المتين؛ لغة القرآن الکريم، ولغة الثقافة العربية الإسلامية. ومن هنا تبدو الأهمية الکبرى لتدعيم مکانة اللغة العربية، والعمل على نشرها وتعليمها، حتى لغير الناطقين بها من الشعوب الإسلامية. لأنّ في ذلک حماية للأمن الثقافي الحضاري، للأمة العربية الإسلامية.وهذا يؤکد لنا بأنّ اللغة العربية هي قضية وجود، وقاعدة کيان، ودعامة النظام التربوي والقائمين عليه.
لقد أصبح مفهوم التربية بمفهومه الشامل يشکل أهم معالم المجتمعات، ومن خلالها تبرز خصائص هذه المجتمعات وروحها، فإذا کانت المنظومة التربوية تقوم على عدد من العناصر تتبادل التأثير فيما بينها فإن الباحثين يجمعون على وصف المعلم بأنه حجر الزاوية أو العمود الفقري في هذه المنظوم، فله الأولوية فيها، ويقال مهما بلغ المنهاج من دقة وصلاحية متناهية للمتعلم فلا يمکن تنفيذه إلا من خلال معلم کفء. فعلى الرغم من اختلاف فلسفات التدريس في السنوات الأخيرة وانتقالها من التعليم المتمرکز حول المدرس إلى التعليم المتمحور حول الطالب وغيرها من الأساليب والمسميات، يبقى أستاذ العربية للناطقين بغيرها حجر الزاوية في تسيير العملية التعليمية والتعلمية، فهو المايسترو الذي يقود الفرقة بانتظام وتناغم وانسجام، وقد تعددت الدراسات التي تحاول وضع خصائصه أو معاييره ضمن مرجعيات مختلفة ومتعددة، منها ما تستند إلى التجربة والممارسة والميدان، وأخرى اشتقت معاييرها من لغات أجنبية وفلسفات وضعية مختلفة، وقليلة بل نادرة تلک التي استلهمت آراء الدارسين أنفسهم، في وضع خصائص المعلم الذي نبحث عنه ونريده لإنجاح تجربة تعليم العربية للناطقين بغيرها.