لاشک أن للبيئة الجغرافية بأنماطها المختلفة وعناصرها المتنوعة دور مهم في خلق أهم مصادر الإلهام والإبداع لدى الإنسان المصري مع اختلاف طوائفه ، واهتمامته، وبالتالي اختلاف ردود أفعاله ردود أفعاله . ويرجع ذلک في المقام الأول إلى وجود علاقة وطيدة بين الإنسان وبيئته المحيطة به ومن هنا کان للتفاعل بين الإنسان المصري وبيئته الأثر الواضح في خلق أشکال الإبداعات المختلفة .وبقدر اختلاف ظروف البيئة وتنوعها ، بقدر تعدد وتنوع أشکال الإبداع والإلهام ، ولا نغالي إذا قلنا إن العلاقة المتبادلة بين الإنسان المصري وبيئته الجغرافية بعناصرها المختلفة ، هي صاحبة الفضل الأول في تشکيل وصياغة فکره وتراثه الفني على مر العصور . وتتميز البيئة المصرية بالتنوع الواضح فيما بين ذلک الشريط الضيق الممتد من حدود مصر الجنوبية ، حتى البحر المتوسط شمالاً ، وهو وادي النيل ودلتاه بتربته الغنية الخصبة ، وبين تلک الصحراوات الحارة الجافة الممتدة على جانبي الوادي والمتمثلة في کل من صحراء مصر الشرقية والغربية ، وبين تلک السلاسل الجبلية الانکسارية الوعرة المتمثلة في جبال البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء في الشرق . بل ويتميز کل نمط من هذه الأنماط بوجود تنوع واضح داخله أيضا ، فإقليم وادي النيل ودلتاه يمکن أن نميز بين جنوبه (الوجه القبلي )، وشماله (الوجه البحري ) ، ولکل من القسمين عناصره الطبيعية والبيئية التي تميزه عن الآخر . وتختلف الصحراء الشرقية اختلافاً جوهرياً في طبيعة ترکيبها وتکوينها وشکلها عن شقيقتها الصحراء الغربية ، ومن أمثلة هذا الاختلاف أن واحات مصر تترکز جميعها في الصحراء الغربية ، أما أوديتها الجافة فتترکز في الصحراء الشرقية . أما عن شبه جزيرة سيناء ــ والتي تمثل مساحتها نحو 6%من مساحة مصر ـــ فجنوبها جبلي معقد ، وشمالها سهلي منبسط وممتد .