کانت طريقة أهل السنة والجماعة في تدوين علوم الاعتقاد نظمًا ونثرا ، بحسب ما يستدعيه الحال ؛ لغرض بيان العقيدة الصحيحة ، ولا غرابة أن يکون الشعر وسيلة عظيمة من وسائل حماية العقيدة وبيانها . ومن هنا کان اهتمام العلماء بالشعر أداةً من أدوات العلم والدعوة ، بل والجهاد لنصرة العقيدة ، وما إن ظهرت الدعوة الإصلاحية على يد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وبدأت دعوته بالانتشار ، إلا واتضح أثر ذلک جليا على المنظومات العقدية التي رافقت الدعوة تقريرا لها ودفاعا عنها. وعندما استقرت الجزيرة وتوحدت على يد الملک عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ، ومن أن حل الاستقرار السياسي في ظل هذه الدعوة المبارکة والدولة الرشيدة إلا انعکس ذلک على التأليف ، خصوصا مع توافر وسائل الطباعة والنشر في داخل البلاد ، وهذا ما نجده واضحا جليا في القرن الرابع عشر الهجري ؛ حيث أصبح زاخرا بالمؤلفات العلمية نثرا وشعرا ، وکثرت فيه المنظومات العقدية والملاحم الشعرية ، التي سطرها دعاة العقيدة ، والتي يقررون فيها المنهج الحق ، ويقذفون بها الباطل . إن النظم الشعري الذى يعد وسيلة من وسائل تقرير العقيدة الصحيحة ، والرد على المخالفين ، کان بمثابة المنبر الإعلامي لعلماء العقيدة ، الذين استخدموه للدفاع عن العقيدة ، والذب عن المعتقد الصحيح ، وتفنيد شبه المخالفين ، ودحضها بالأدلة . لقد کانت منظومات أهل السنة والجماعة على درجة عالية من الصواب ، وقوة الحجة ، وصحة الاستدلال . وتبين سعة علمهم رحمهم الله ، وتوضح قوة استحضارهم للنصوص ، واطلاعهم على أمهات الکتب؛ مما يعطي عامة الناس ثقة أکثر باتباعهم .