عندما نتطلع للمستقبل علينا أن الحافظ على بعض إيجابيات الماضى و الحل إذن أن نتمسک بالجانب العقلي النقدى التنويري لنضع أيدينا على هذه الإيجابيات . و لذلک تقوم هذه الدراسة بالإشارة إلى مجموعة من الجوانب المُشرقة في الماضى بحيث ننطلق منها بشکل أو بأخر إلى طريق المستقبل.
وفى ضوء الدعوة إلى إعادة قراءة التراث الفلسفى العربى تتخذ هذه الدراسة من الاتجاه العقلى فى فلسفة التربية نقطة بداية لتحريک هذه الدعوة من القوة إلى الفعل .  من خلال دراسة الاتجاه العقلى بداياته و أصوله، أهدافه ، وسائله ،و أعلامه. لنصل إلى إثبات أن جذور علم فلسفة التربية ليست مستوردة من الغرب کما هو شائع – و يُصدق معظمنا ذلک- بل على العکس  فقدت تأثر فلاسفة المسلمين بالحضارة اليونانية عموماً و بفکر أفلاطون و أرسطو خصوصاً، و لم يقفوا عند حد التأثر بل تجاوزوه فلخصوا، و شرحوا، و وفقوا، و طوروا بما يناسب مجتمعهم، فبرزوا فى علوم کثيرة و أسسوا لعلوم أخرى .
وبذلک حافظوا على التراث اليونانى و کانوا على استعداد تام لإنجاز التقدم و الحضارة و النهضة العلمية و التقدم فى کل المجالات إلا إن من حاربهم و ثبط عزائمهم کان أقوى منهم ؛ فکانت السياسة أقوى من العلم فقد تم تکفير الفلاسفة و منع علمهم و حرق کتبهم و لعن من تعلم علمهم و أشتغل به. فساد الجهل و بدأ الغروب و ظلام الليل يتسلل على الحضارة الإسلامية بينما کان شروق الحضارة الأوروبية يستعد ليفيق من ثباته العميق . و بالفعل تأسست الحضارة الأوروبية على التراث العربى الإسلامى عموماً و على أخر فلاسفة المغرب العربى العالم المسلم خصوصاً.