مر الشعر العربى الحديث بمدارس شعرية متعاقبة تأكدت علاقتها بالتراث الشعرى تحديدا وإن تغيرت نوعية هذه العلاقة من مدرسة إلى أخرى فقد كانت علاقة مدرسة الإحياء بهذا التراث مباشرة تقوم على المحاكاة الإبداعية واستعادة جماليات القصيدة القديمة وظلت هذه العلاقة قائمة – مع تغيير نوعيتها – مع الحركة الرومانسية وذلك من خلال إحياء التراث العذرى والوجدانى بصورة عامة وتقديم صورة عصرية له تهتم بخلجات الذات ورؤاها الفردية من خلال هذا الشعار العام الذى عبر عنه عبد الرحمن شكرى بقوله " ألا ياطائر الفردوس إن الشعر وجدان " وعلى الرغم من الاتهامات التى لاحقت شعراء التفعيلة بالقطيعة مع التراث فإننا نرى عمق علاقة هؤلاء الشعراء بتراثهم وليس أدل على ذلك من " ديوان الشعر العربى " الذى قام أدونيس باختياره ،وعكوف صلاح عبدالصبور على الشعر العربى القديم وتقديم كتابه الهام " قراءة جديدة لشعرنا القديم " أما علاقة هذه المدارس الثلاث عامة بالتراث عامة فى مستوياته المختلفة : التاريخى والأدبى والدينى والشعبى فهذا ماسوف نتوقف عنده لمعرفة التحول النوعى الذى أحدثه شعراء التفعيلة حين انتقلوا من التعبير عن التراث الذى شاع فى مدرسة الإحياء إلى التعبير به وتوظيفه رمزيا لكن قبل هذا ينبغى أن نتوقف أولا أمام مفهوم " التراث " لكى ندرك كيفيات استلهامه شعرا .