إن المتأمل في ألفاظ العربية ومعانيها يجد ثراءَ يستحق الوقوف عنده؛ وذلک في الاتساع الدلالي، وخصوصية الاستعمال، وتعدد المعنى للمفردة الواحدة في السياقات المختلفة، وقد عُني العلماء بهذه الظواهر وفسروها في کتب مستقلة. ومن ذلک: لفظ «الحاجة» التي لا يخفى في التداول والسهولة، وفي تناوله طرافة واستمالة؛ لإبراز جانب مهم من جوانب الجمال والسهولة، لاسيما وأن هذه الکلمة تختصر ما في النفس، مما تمليه الضرورة من إبهام، أو تعميم أو تخصيص، أو تجلية أو تعمية...إلى غير ذلک من الدلالات والمقاصد. ومما دعاني إلى التأمل في أصل «الحاجة» هو ورودها في القرآن الکريم بلفظ المفردة في ثلاثة مواضع بمعان مختلفة، وما فُسر بها من الألفاظ، وکثرة ترددها على ألسنة الخاصة والعامة، إضافة إلى تعدد سياقاتها في التصرف العربي. هذا، وقد جعلت من لفظ «الحاجة» منطلقًا لبحثي هذا؛ ليکون عنوانه: «الحاجة وما فسر بها: دراسة معجمية».واقتضت طبيعته أن يتکون من ثلاثة مباحث، على النحو الآتي:المبحث الأول: تناول الحاجة ودلاتها، وفيه مطلبان: (1) التأصيل المعجمي للحاجة.(2) دلالة الحاجة.المبحث الثاني: تناول ما فُسر بالحاجة.  المبحث الثالث: تناول لفظ الحاجة في القرآن. ومن أبرز نتائج البحث: إن أکثر استعمالات الحاجة بمعنى الفقر والجوع ونحو ذلک. والحاجة المعنوية تأتي في الغالب نکرة مرتبطة بمکان محدد کالصدر والنفس والقلب. ولفظ الحاجة في أغلب الاستعمالات يدل على الإبهام؛ ليشمل أکثر معاني النقص. وسهولة لفظ الحاجة وکثرة استعماله.