يتناول هذا البحث بالدراسة قصيدة أبي تمام الطائي العينية، في رثاء محمد بن حميد الطوسي؛ وهي من القصائد التي جمعت بين جمال الشکل، وسمو المضمون. وقد عمدت إلى تحليل هذه القصيدة تحليلاً أدبياً، حاولت أن أکشف من خلاله عن ملامح الإبداع الأدبي في شکلها ومضمونها. وقد سرت في هذا البحث على حسب الخطة الآتية : بدأته بمقدمة، ثم أوردت نص القصيدة، وعرفت بقائلها، وذکرت مناسبتها، ثم انتقلت بعد ذلک إلى عرض أفکارها، ثم کشفت عن سماتها الفنية في جانبي الشکل والمضمون، ثم ختمت البحث بعد ذلک بخلاصة ذکرت فيها أهم نتائجه. وقد اتبعت في هذا البحث المنهج الفني؛ حيث قمت بعرض أفکار النص، ومعانيه الجزئية، ثم کشفت عن السمات الفنية التي ظهرت في شکله ومضمونه. ومما حفزني على تناول هذه القصيدة انتماؤها إلى فن الرثاء، وهو فن جميل يتصف بالصدق، وتميز قائلها بجودة الشعر؛ وبخاصة فن الرثاء، وثناء النقاد عليها، وعلى مطلعها، واقتصارها على رثاء رجل عظيم، قتل وهو يدافع عن الخلافة الإسلامية، وکذلک عدم وجود تحليل أدبي لهذه القصيدة - على حد علمي-؛ لذلک اتجهت لکشف ما انطوت عليه من ملامح الإبداع الأدبي. وقد اتضح لي من دراسة هذه القصيدة أنها من القصائد الجميلة، التي تمثلت فيها مقومات النص الأدبي الجيد في شکله ومضمونه؛ فأما من حيث الشکل؛ فألفاظها وتراکيبها قد اختارها الشاعر اختياراً موفقاً، وصاغها صياغة محکمة، وصورها جاءت متنوعة، وحافلة بالتجديد والابتکار، وأداؤها الصوتي قد تميز بالثراء، والإبداع، والتأثير، واتسم بناؤها الفني بالوحدة الموضوعية والعضوية. وأما من حيث المضمون ؛ فمعانيها قد اتسمت بالتجديد والابتکار، ولفها شيء من الغموض والعمق، وظهر في بعضها التقليد والتأثر بالقدامى، وعاطفتها قد جاءت صادقة، معبرة عن مشاعر الحزن على الفقيد. وقد هذه القصيدة التزمت بمنهج الإسلام التزاماً واضحاً.