عُني الأدب عامة -بوصفه بؤرة الثقافة ورافدًا من أهم روافدها- والجنس الروائي خاصة- بما له من طابع ديالکتيکي- بالشحنة الأيديولوجية للنصوص الروائية الحاملة لفکرة الهوية، وتداعياتها الثقافية التي جسدها الروائيون في نظم دلالية قائمة على بناء التناقض بين الأيديولوجيات، ومن خلال خطابات سياسية ثقافية بأصوات أفراد أو جماعات تتمتع بوعي إبستمولوجي وفکر حر قادر على طرح الرؤية والرؤية المغايرة لها. ونظرا لأن أبعاد أهداف البحث تتماس بشکل أساسي مع  الأيديولوجية کبنية مرکزية نشطة في جسد النص، تتداخل  في علاقات شديدة التشابک مع الوحدات البنائية، قصد إنتاج البنية العميقة ؛ فإن البنائية في ثوبها المعاصر تعد منهجًا أوليًّا للبحث؛ باعتبارها رکيزة أساسية للنقد السوسيونصي sociotexual بعنايته بالداخل النصي بأدواته اللسانية وبنياته السردية بما تشتمل عليه من وحدات الخطاب.
وقد استوعبت رواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح أيديولوجيات مختلفة ومواقف متباينة للإنتلجنسيا العربية من أزمة الهوية وإشکالاتها وتعدد تمثلاتها بين طرفي الهوية المستلبة والمزدوجة ؛ بدءًا من العولمة في مرحلة الکولونيالية ، وحتى رؤية المثقف الشمولية للعالم في مرحلة ما بعد الکولونيالية. وقد تمثلت الرؤية الأيديولوجية في الرواية -کرؤية للعالم شاملة وثرة بمعطياتها الدلالية - من خلال شبکة من الدوال السيميولوجية نسجتها بعناية الشخصية الروائية المتحرکة عبر حشد من الدوال اللغوية ثرة المدلولات، والمتصلة أرکانها ببنيات السرد وآلياته.