الخيال مَلَکةٌ ميّز الله عزّ وجلّ بها البشر، ومن خلاله تحققت إنسانيتهم وتطورهم الحضاريّ. وارتقاء الإنسان على کافة الأنحاء ( علميًا وفنيًا وأدبيًا .. إلخ )  لم يکن إلا ثمرةً من ثمار إعمال الخيال والتوسّع فيه.  وعلى الجانب الأدبيّ – تحديدًا – لا تتحقق الأدبية إلا بالخيال، فالخيال هو الذي يجعل الکلمات تنحرف متجاوزة المستوى التداولي النفعي المألوف وصولاً إلى المستوى الفني الأدبي الذي تتحقق من خلاله الفنيّة الأدبيّة.   وکل فنون الأدب – على تنوعها واختلافها – لا يمکن أن تتنصل تمامًا من الخيال؛ لکنها – بالطبع – تتفاوت في استخداماتها له کمًا وکيفًا. وربما کان التفاوت في طبيعة الخيال وکيفية استخدامه هو الفيصل والمحکّ في توزيع الأجناس الأدبية وتميّز کل منها عن سواه، ولعل الشعر هو الجنس الأدبي الأکثر اهتبالاً للخيال؛ لأن المجاز هو الرکن الرکين في تکوينه وبنائه ( إضافة إلى النغم الشعريّ الموسيقيّ )؛ لکن ذلک الأمر لا يعني – بحال من الأحوال – انعدام الخيال ( بما في ذلک الخيال المجازي ) من بقية الأجناس الأدبية عمومًا والقصة القصيرة خصوصًا.