تواجه المؤسسات في القرن الحالي تحديات جديدة تختلف عن تلک التي کانت تواجهها خلال العقود المنصرمة، مما يستدعي الحاجة للتجديد التنظيمي واکتساب ميزة استراتيجية والاحتفاظ بمعرفة عالية، لقد غدا الکثير من المفکرين والباحثين والمستشارين والمديرين يعتبرون المعرفة المورد الأساس للميزة التنافسية بدلاً من رأس المال وأصبحت الموجودات المادية ذات قيمة محدودة ما لم يعرف الأفراد ماذا يفعلون بها، وهکذا فإن معرفة المنظمة کيفية إنجاز أعمالها هو أساس نجاحها، ولما کانت إدارة المعرفة المنظمة هي واحدة من عدة عوامل أساسية تقود إلى النجاح، فقد جاء هذا البحث لتوسيع الرؤية الإدارية لعمليات إدارة المعرفة التي أصبحت جزء لا يتجزأ من معرفة الحياة والعلم والعمل ولها تأثير کبير في فاعلية المنظمة سلباً أو إيجاباً وذلک من خلال دراسة أنواع المعرفة (الضمنية والظاهرة) وعمليات إدارة المعرفة المتمثلة بـ(تشخيص المعرفة وتحديد أهدافها وتوليدها وخزنها ومن ثم تطبيقها) لدى مديري ومعاوني الشرکة العامة للصناعة الجلدية وقياس أثرها في الفاعلية التنظيمية.
وأمام کثرة المتغيرات، وجدت المؤسسة نفسها مرغمة على إعادة ترتيب أمورها وتجديد طرق تسييرها تماشياً مع هذه التحديات الجديدة، فأصبح لازماً على أي مؤسسة ترغب في الاستمرار والبقاء في دنيا الأعمال أن تسلک نهجاً يقضي بضرورة تحقيق سلوک اقتصادي رشيد مع تجسيد للأفکار القاضية بحتمية الاستغلال الأمثل والفعال لمواردها المالية والمادية والمعرفية.
وعلى هذا الأساس عمدت معظم المؤسسات الناجحة إلى امتلاک أفضل الأدوات والکفاءات المناسبة التي تساعدها على تحقيق الفعالية التنظيمية والتفوق والتميز في أدائها، فمنذ انتشار الصناعة ذات الحجم الکبير ظهرت الحاجة إلى استخدام أدوات تسمح بمتابعة التکاليف ومحاولة التحکم في جميع الجوانب التنظيمية في المؤسسة، غير أن التأثيرات الناجمة عن التغير في المحيط الاقتصادي صعبت من مهمة المدراء والمسئولين وکشفت عن عجز الأدوات المحاسبية التقليدية في تلبية الضروريات الخاصة لهذه المؤسسات.
کما أن المؤسسات التعليمية ليست بمنأى عن هذه الظروف والمتغيرات، فانتقال العالم العربي من الاقتصاد المخطط إلى الاقتصاد السوق وانفتاح السوق العربية على الاستثمارات الأجنبية دفع بالمؤسسات التعليمية إلى السعي قدماً نحو إحداث تغييرات عديدة على مستوى وسائلها وطرق تسييرها بغية تحقيق أداء أفضل مما هو عليه، ونظراً لکون المبتغى الذي تتطلع إليه المؤسسات التعليمية هو رفع فعاليتها التنظيمية من أجل تحسين أدائها، فإنه بات من الضروري عليها التطلع إلى استخدام التقنيات الحديثة بدلاً من الاکتفاء بالاعتماد على أدوات رقابية تقليدية ثبت عجزها.