الحمد لله الحکيم الخبير ، خلق الإنسان ، علمه البيان ، فضله على سائر مخلوقاته فى کونه وملکوته بنعمة العقل ، الذى يهتدى به إلى صلاح حاله ومآله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين ، والسراج المنير ، والرحمة المهداة للعالمين ، وعلى آله وصحبه وسلم ، وعلى کل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :
يسعى هذا البحث إلى إلقاء الضوء على تيار فى الشعر العربى الحديث وهو التيار الهروبى ، الذى يتخذ اتجاهاً هارباً من المجتمع الغارق فى القسوة والظلم ، بوصفه مجتمعاً يحاصره الفساد والزيف إلى عوالم أخرى أقرب إلى أن تکون عوالم مثالية أو مدناً فاضلة ، يرى فيها الشاعر ملاذه الآمن ، ووجوده الحقيقى .
ويمثل هذا التيار طائفة من الشعراء الهروبيون الذين اتخذوا موقف الهروب من المجتمع إلى عوالم : الطبيعة الحالمة ، والحب ، والموت ، والطفولة ، وأحلام الماضى وذکرياته ، والمجتمعات البدائية الفطرية ، والتشرد الأبدى ، وعالم السخط واليأس والأحزان ، وما إلى ذلک من الاتجاهات الهروبية فى الرومانتيکية الغربية .