ولم يکن الخطر الخارجى وحده سببًا فى ضياع بعض نتاج الفکر الجغرافى العربى وانما کان للصراع الداخلى وتنازع السلطة بين القوى المتصارعة على کرسى الحکم فى ممالک الاسلام أثره الواضح فى ضياع مؤلفات جغرافية هامة، ذلک انه فى أعقاب زوال حکم مملکة حاکمة واقامة سلطة فى عصور التفکک والانقسام واجتياح الجيوش المتبربرة الوافدة الجديدة والمخالفة فى العقيدة أو الرأى أو السياسة کثير ما کان يصاحب ذلک سلب ونهب للقصور وقواعد الحکم، وفيها من خزائن الکتب الشىء الکثير فتعرض للحرق والتدمير عن عمد وعن غير عمد للجهل بقيمتها، ويمکن أن ادراک مثالًا واضحًا لأثر مثل هذه الأحداث فى ضياع مؤلفات جغرافية فعلى سبيل المثال ما حدث فى أعقاب انتهاء الدولة الفاطمية فى مصر وزوالها فقد أهم ما أبدعته هذه الفترة من مؤلفات لم يصلنا منها إلا مقتطفات من أمثال:
رحلة ابن سليم الاسوانى، وکتاب  العزيزي للمهلبى، وکتابات ابن الکندى، وابن زولاق، وعز الدين المسبحي، وابن ميسر، والقضاعى، والنحوى، وکل من هؤلاء عاش فى عصر الدولة الفاطمية وأبدع فى فنون التأليف الجغرافى العربى بمصر