يشهد العالم ثورة تقنية متسارعة الخطى، غزت نواحي الحياة المختلفة، وأصبحت جزءا من حياة الطفل اليومية، لما توفره هذه التقنية من ألعاب إلکترونية يميل إليها الأطفال، حتى الکبار؛ لذا تسابقت الأسر في توفير هذه الألعاب لأبنائها، وتنافس الأطفال في الحصول على أحدث الإصدارات؛ إلا أن هذه الألعاب جعلت شريحة کبيرة من هؤلاء الأطفال ينخرطون في فضاء اللعب، وينعزلون مع شاشة جهازه عن أقرب الناس إليهم، وقد أدى بقاء الأطفال ساعات مطولة مع هذه الأجهزة إلى ظهور مجموعة من المشکلات، کالارتعاش، والعصبية، وفقدان الشهية، والتوحد، وضعف الاذکاء الاجتماعي، وعدم قدرة هؤلاء الأطفال على الحوار، والتعبير عما في أنفسهم، کل هذا جعل القائمين على شؤون الطفل يقفون طويلا مع هذه الألعاب الإلکترونية التي سحبت الطفل من واقعه، وجعلته يعيش واقعا افتراضيا قد لا يتناسب مع مبادئ الدين، وعادات المجتمع، وقيمه.  تؤکد الدراسات النفسية والاجتماعية أن الألعاب الإلکترونية ضربا من الإدمان الناعم الذي تتبلور مشکلته عندما ينظر المربون إلى هذه الألعاب أنها مجرد تسلية ليس لها وجه آخر، أو يتخذها الوالدان وسيلة لإشغال الأطفال؛ رغبة في تفرغهم لإنجاز أعمال معينة. إلا أن الدراسات المختصة بعالم الطفولة تثبت أضرار هذه الألعاب السلبية الکثيرة. نعم، لا تخلو الألعاب الإلکترونية من الجوانب الإيجابية، لکن آثارها السلبية أکثر، وهذا ما يسعى إليه هذا البحث الموسوم بـ(الإدمان الناعم: الألعاب الإلکترونية وذکاء الأطفال الاجتماعي). يقرأ البحث واقع هذه الألعاب الإلکترونية، ويستعرض إيجابياتها، وأضرارها وعيوبها؛ لأنها تعد إدمانا ناعما، لا تشعر بخطورته، حتى تتمکن منهم، وقد يشجع المربون أطفالهم على ممارساتها حتى تسلبهم هذه الألعاب طفولتهم؛ لذا يأتي هذا البحث مقدما المقترحات لتوجيه هذه الألعاب التوجيه السليم، وبيان آلية التعامل بذکاء مع هذه الأجهزة الحديثة التي صارت تحتل مکانة بارزة في حياة الطفل، ووضع البديل الذي يساعد على تلبية ميول الطفل، ويعمل على تنمية مهاراته وذکاءاته.