تحظى ظاهرة أطفال الشوارع وتشردهم باهتمام کبير من جميع أنحاء العالم سواء ذلک الدول المتقدمة أم الدول النامية ... وتحتل هذه الظاهرة من بين أنماط جنوح الأحداث منزلة خاصة , وذلک يعود إلـى إنّ المشردين يشکلون نسبــة لا بأس بهــا بين الأحداث الجانحيــن من جهــة ، وإنّ العديد من الجانحين الکبار هم عادة من أولئک الذين بدؤوا سلــوکهم المنحــرف فــي مــرحلة مبکرة من أعمارهم ، وعلى الرغم من الأهمية المتقدمــة لهــذه الظاهــرة وما يضاف لها مــن عوامل أخرى تتعلق بتزايدها مع تزايد المشاکل المتعلقة بالتحضر والتصنيع والتکاثر السکاني ، إلا أن إبراز رؤية شمولية متکاملة بناء على النظرة الإيجابية نحو الطفل وبعث استراتيجيات جديدة للتعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع تتسم بتعددية الإبعاد وعمق التصورات التي يمکن أن تصاغ لتشخيص هذه الظاهرة وبحث إمکانية علاجها لمساعدة الأطفال على التکيف والتوافق مع الظروف البيئية، وبالتالي تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع وهذه الإمکانية التي لا يمکن أن تتحقق في غياب مبدأ التعاون القائم بين الفئات المستهدفة ومنفذي السياسات الاجتماعية وهو ما يستدعي ضرورة إشراک الطفل في إستراتيجية التکفل به، وذلک استنادا إلى قضية جوهرية مفادها أن وجود الطفل أو الأطفال في ظروفي صعبة يصنفهم في دائرة أطفال الشارع لا ينبغي أن يخرجهم ويستبعدهم من فئة الطفولة وبالتالي لا يسقط عنهم إمکانية الاستفادة من کل الحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل هذا من جهة، ومن جهة أخرى تدعيم روابط العمل المشترکون التنسيق المتکامل المؤسسة لثقافة التعاون بين المجموعات التطوعية، منظمات المجتمع المدني وأجهزة الدولة للقضاء على هذه الظاهرة وتغيير نظرة المجتمع عن أطفال الشوارع باعتبارهم ضحايا وليسوا مجرمين ، وفي هذا البحث نسلط الضوء على واقع هذه الظاهرة والطموحات التي تحد منها ....