تمت المناداة منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي بالتحول في إدارة الخدمات العامة من الإدارة العامة التقليدية إلى الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة (NPM)، وذلک في العديد من الدول المتقدمة والآخذة في النمو. وقد صاحب ذلک ممارسات متنوعة وجدل فکري بصدد مدى قدرة المنظومة الجديدة على تحسين جودة الخدمات العامة المقدمة والمساهمة الفعلية في تحقيق المصلحة العامة. وجاءت الخدمة العامة الجديدة (NPS) مع بداية الألفية الحالية لتقدم وجهة نظر مختلفة عن نظيرتها الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة. وتهدف هذه الورقة إلى:  تحديد أهم أسباب تغيير النمط التقليدي لتقديم الخدمات العامة. بحث تأثير الأخذ بمقولات الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة على آليات تقديم الخدمات العامة. فهم مبررات التحول من الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة إلى الخدمة العامة الجديدة کإطار عام منظم لتقديم الخدمات العامة. تکمن المشکلة البحثية في وجود عدد من التطبيقات والمفاهيم الإدارية المتباينة والمتناقضة في بعض الحالات أثناء تقديم الخدمات العامة بالعديد من الدول الآخذة في النمو دون الاعتماد على نسق فکري متکامل يأخذ في الاعتبار التطور الفکري لتلک التطبيقات والمفاهيم وخصوصية البيئة التي يتم فيها تقديم الخدمات العامة. ولذا تحاول هذه الدراسة بحث تأثير الانتقال من الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة إلى الخدمة العامة الجديدة على توجهات وآليات تقديم الخدمات العامة من خلال تحليل الأبعاد الرئيسة لکل منهما والمنطق وراء التطبيق، وذلک بالاعتماد على نتائج تحليل محتوى عدد من دراسات الإدارة العامة الرائدة في هذا المجال.   خلصت الدراسة إلى أن الانتقال من النموذج التقليدي للإدارة العامة إلى الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة قد مثل تحولاً في کل من الجوانب القيمية والتشغيلية المتعلقة بتقديم الخدمات العامة نحو مزيد من المنافسة والمشارکة في عمليات التقديم. وفي المقابل لا يعني الأخذ بمقولات الخدمة العامة الجديدة العودة للنموذج البيروقراطي التقليدي، کما أنه لا يعني التراجع عن السعي المستمر لتحسين جودة الخدمات العامة المقدمة. إن التطبيق الناجح لمقولات الخدمة العامة الجديدة يتطلب أيضاً تطبيق بعض قيم وممارسات الإدارة الجديدة لأعمال الحکومة کالمنافسة والمشارکة الديمقراطية. وتوصي الدراسة في إطار تطوير الخدمات العامة بأهمية إدراک تلک التحولات، تحليل طبيعة الخدمة العامة محل التقديم والإطار البيئي الأوسع الذي يتم التقديم في إطاره قبل تحديد واعتماد الممارسات الإدارية الأکثر ملاءمة والتي تتوافق مع التوجهات العالمية السائدة في تقديم الخدمات العامة.