فى ظل التحولات والتطورات التى عرفها الواقع الاقتصادى العالمى فى الانتاج والتجارة والاستثمار والتحضر، ومع زيادة تدفقات وتعاملات وانفتاح الاقتصاد العالمى، من خلال تضاؤل الدور الذى تلعبه الحدود على الانشطة الاقتصادية، زادت اهمية المنظور الاقتصادى الجغرافى، واصبح دراسة ظاهرة توطن او تجميع الانشطة الاقتصادية فى دول او اقاليم او تکتلات بعينها من الحقائق الاقتصادية حول العالم، خروجاً على النظريات الکلاسيکية للتخصص والتجارة والاستثمار. ويهتم الاقتصاد الجغرافى بدراسة اماکن توزيع وتوطن وتنظيم الانشطة الاقتصادية على دول العالم المختلفة، وقد شکلت ظاهرة التجميع احد اساسيات الاقتصاد الجغرافى الجديد کما طرحه کروجمان. وعلى النطاقين النظرى والتطبيقى، يعد اتساع السوق، وتکاليف النقل، ومهارات العمل، والقرب من مصادر الطاقة، ودرجة التحضر، والجودة المؤسسية، والانفتاح الاقتصادى، محددات اساسية لتجميع الانشطة الصناعية والخدمية المختلفة، بالاضافة للعديد من العوامل المساعدة مثل المعرفة التکنولوجية، وظاهرة شبکات الانتاج الدولية. ومع تطور آليات ومفاهيم وقوى التکامل الاقتصادى، شکلت التکتلات الاقتصادية مراکز للتوطن الصناعى، اعتماداً على توافر العديد من مقومات جذب الانشطة الاقتصادية. لقد اصبح دراسة ظاهرة تجميع الانشطة الاقتصادية من الموضوعات الهامة والملحة والمتجددة، فى ظل ما تمثله هذه الظاهرة من فرص للعديد من الدول والاقاليم النامية لرفع قدراتها التنافسية واستغلال التحولات العالمية لصالحها، شريطة توافر المقومات الاقتصادية والتشريعية والمؤسسية المؤائمة.