لقد تميزت الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بنمو ضخم في حجم التجارة الخارجية والتدفقات المالية، وأدى ذلک إلى زيادة نسبة التجارة الخارجية في النشاط الاقتصادي الکلي. وهذا يعني أن ارتباطا بين کل دول العالم قد حدث بسبب تزايد أطراف التبادل الدولي. هذا النمو الضخم في التجارة والتدفقات الخارجية سببه مجموعة من العوامل لعل أهمها هو ما حدث من تحرير للتجارة الخارجية نتيجة الجولة الأخيرة من جولات الجات وظهور منظمة التجارة العالمية، جنبا إلى جنب مع التطور الهائل في مجال الاتصالات التکنولوجية المباشرة، فلا شک ان ما حدث من تقدم تکنولوجي سريع لا يقل أهمية عن تحرير التجارة والمال، حيث انعکس ذلک على سرعة نقل وتجميع المعلومات وتصنيفها واسترجاعها، الامر الذي دعم من تحقيق عالمية الأسواق. لقد ترتب على کل هذه المستجدات أن ظهر مفهوم الاعتماد المتبادل بديلا عن مفهوم التبعية الاقتصادية، فالأول يعني تعاظم التشابک بين البلاد المتبادلة، وأن هذا التعاظم کون نوعا جديدا من التبادل، ظهر في شکل ترابط بين کل الدول في اتجاهين اخذا وعطاءا، بدلا من مفهوم التبعية الاقتصادية الذي کان يعني تأثيرا لأحد الأطراف على الطرف الآخر. ترتب على تنامي درجة الاعتماد المتبادل بين الدول ظهور أثار وأنماط عديدة في العلاقات الخارجية, منها سرعة انتقال الأحداث والمستجدات –إيجابية أو سلبية- بين دول العالم, کما تزايدت أهمية العلاقات الاقتصادية الخارجية کعامل محدد من عوامل النمو في البلاد المختلفة, أيضا من العوامل التي أصبح يعتمد عليها نمو الناتج القومي في أي بلد, بجانب نوعية الاستثمار والعمالة والمنتجات, هو حجم زادت الصادرات, فأصبحت الصادرات تلعب دورا هاما في نمو الناتج القومي, ليس الصادرات بمعناها الشامل ولکن بمعناها النوعي والکيفي, حيث أصبح العنصر البيئي يعد متغيرا أساسيا في نموذج التصدير, ولهذا زادت درجة التنافسية في الاقتصاد العالمي وترتب على ذلک إزالة وتخفيف العوائق في تدفقات السلع والخدمات, ولذلک فقد أصبح مفهوم التجارة العادلة أحد المفاهيم الحديثة, التي جاءت نتيجة لهذه المتغيرات والمستجدات مع اتجاه دول العالم إلى تخفيض القيود الجمرکية وغير جمرکية على حرکة التجارة الخارجية.