بعد قيام ثورة 25 يناير، تطلعت آمال العديد من العاملين المصريين فى القطاع الحکومى أو الخاص إلى حياة وظيفية أفضل، تتسم بالعدالة والمساواة فى الأجور والرواتب، وتوفر فرص للنمو الوظيفى، وتسمح بمشارکة العاملين فى اتخاذ القرارات، وتصميم وتوصيف الوظائف بشکل يسمح بمزيد من الحرية والمعلومات والتحکم فى الوظيفة ، وبيئة عمل صحية وآمنة، وعمل جماعى وعلاقات جيدة بين العاملين، بالإضافة إلى توفير قدر من الأمان والإستقرار الوظيفى. إلا أن سرعان ما تبخرت تلک الأحلام والأمانى، فالظروف الإقتصادية الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى حاليا - من إرتفاع فى أسعار السلع والخدمات، وانخفاض القوة الشرائية للجنية-، واستشراء الفساد الإدارى والمالى فى معظم المؤسسات، وصدور قانون الخدمة المدنية الجديد، حال دون تحقيق الأمنيات والتطلعات، الأمر الذى ترتب عليه شعور العديد من العاملين بالإحباط الوظيفى.
ويؤکد ماسبق، ما ذکره (Wang et al.,2014) بأن الإحباط يحدث للفرد عندما يکون مهيئاً لتحقيق هدف ما ومستعد له ثم يجد عائقاً يحول دون تحقيقه لهدفه أو يمنعه من أدائه لعمله. إن شعور العاملين فى مصر بالإحباط الوظيفى، قد ينذر بعواقب وخيمة ويلحق ضرراً شديداً بأداء وإنتاجية المنظمات، ومن جهة أخرى يمکن أن يتحول هذا الشعور بالإحباط واليأس وفقدان الأمل بمستقبل وظيفى أفضل إلى سلوکيات ضارة أو عداونية، کالقيام بالعديد من الأعمال التخريبية فى المنظمة مثل إتلاف المخرجات، تضييع وقت وموارد المنظمة، تدمير المبانى والأجهزة، وتقليل الإنتاج. بالإضافة إلى ماسبق، تربط بعض الدراسات بين إرتفاع الإحباط وزيادة الشعور بالقلق، والحقد الدفين تجاه الآخرين، وزيادة الغضب، والحضور متأخر إلى العمل، والحط من قدر الرئيس، وزيادة الرغبة فى ترک العمل، کما يعد الإحباط سبباً رئيساً للعديد من جرائم القتل(رشيد، مطر،2011).
واستشعاراً لخطورة ظاهرة الاحباط الوظيفى، تناولها العديد من الباحثين بالبحث والدراسة، بهدف التعرف على أسبابها والعوامل التى يمکن أن تقلل منها. واستکمالاً لهذه الجهود البحثية جاءت هذه الدراسة بهدف استکشاف علاقة جودة حياة العمل بالإحباط الوظيفى فى عينة من المنظمات الحکومية المصرية، والتعرف على دور التهکم التنظيمى فى التأثير على قوة واتجاه هذه العلاقة.