واجهت مصر العديد من التبعات الاقتصادية على إثر التعرض لأزمة فيروس کورونا المستجد بشکل مفاجئ, انعکس بعضها بشکل مباشر على المرکز المالي للمنشآت وکان للبعض الآخر انعکاس على الاقتصاد ککل عن طريق التأثير على قطاعات هامة وحيوية مثل السياحة والتشييد والبناء وغيرها من القطاعات وبالتالي على معدلات دخول الأفراد. وقد نهجت الدولة مجموعة من السياسات بهدف مواجهة الأزمة وتخطيها والاستعداد للمراحل القادمة في ظل استمرارها, ومنها اتخاذ بدائل مختلفة للإجراءات الاحترازية على مستوى جميع المنشآت الصناعية والخدمية, کذلک تقديم الدعم للبحث العلمي في سبيل الحصول على المصل الواقي في أسرع وقت, أيضا محاولة الحفاظ على برنامج الإصلاح الاقتصادي واستقرار سعر الجنيه المصري عن طريق خفض سعر الفائدة ودعم تطبيق المدفوعات الإلکترونية بهدف ضم الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.
وقد قدم الفکر المحاسبي مساهمات هامة في سبيل إدارة الأزمة وتبعاتها, حيث زاد الاهتمام العالمي والمحلي بقياس التکاليف المتعلقة بها وکذلک تکلفة الإجراءات الاحترازية وتحديد السياسات والبدائل المناسبة للتعامل معها في ظل ظروف عدم التأکد نظرا لعدم توافر بيانات تاريخية وسرعة انتشار الفيروس. کذلک فإن المنظمات العالمية کانت بحاجة إلى معلومات محاسبية دقيقة لاتخاذ العديد من القرارات بشأن الدول والمناطق الأولى بالرعاية والدعم.
وبتحليل تلک المساهمات يتضح أن المشکلات المحاسبية المترتبة على الأزمة والتي من المتوقع أن تتعرض لها المنشآت قد مثلت نسبة 43% من الأبحاث والدراسات التي أجريت في المجال المحاسبي خلال فترة الستة أشهر الأولى من عام 2020, مثل مشکلات نقص السيولة والتدفقات النقدية الداخلة. بينما استحوذت العواقب الاقتصادية ذات الأثر القومي على نسبة 57% من الدراسات المحاسبية المتعلقة بإدارة الأزمة, والتي تهدف إلى دعم القرارات المختلفة, وکيفية اختيار البدائل المناسبة التي تدعم الحفاظ على الموقف المالي للدولة وتقديم الدعم اللازم للأطراف المتضررة وفق خطة زمنية محددة, الأمر الذي يحتاج إلى معلومات محاسبية دقيقة تساعد على ادارة التبعات الاقتصادية للأزمة على المدى القصير وکذلک على المدى الطويل, نظرا لاستمرار الأزمة لفترة تمتد لأکثر من سنة مالية.