تعد الزراعة أحد أهم مقومات الحياة ، فهي من المصادر الأساسية التي يحصل الإنسان من خلالها على المواد الغذائية الخاصة به ، والتي تکفل له البقاء على قيد الحياة، وهي منتشرة بشکل کبير في العديد من المناطق الجغرافية المختلفة، وتعرف على أنها حرفة وفن من الفنون التي يتبعها الإنسان في حياته، والتي تؤدي إلى حصوله إحتياجاته من الإنتاج النباتي والحيواني. وتعتبر الموارد المائيه هي العامل المحدد للإنتاج الزراعي ، إذ لا يمکن أن تقوم زراعة بدونها ، کما تتوقف المساحة التي يمکن استصلاحها من الأراضي الجديدة ، وکذلک نمط الإنتاج الزراعي کماً ونوعاً على القدر المتاح من مياه الري ، وبالتالي فإن الموارد المائية هي العنصر الحاکم لتحقيق التنمية الزراعية. ويعد الميزان المائي أهم المؤشرات الزراعيه للحکم على وجود تنمية زراعيه من عدمها من خلال تحليل مکوناته التي تتمثل في الموارد المتاحه وفقاً لمصادرها من جهه ، والاستخدامات المائيه حسب أغراضها المختلفه من جهة أخرى ، کما يعتبر الميزان التجاري الزراعي من المؤشرات الإقتصاديه الهامة، وهو أحد مدخلات الناتج المحلي الزراعي للدول، وتکمن قيمته في تحليل مکوناته وليس في قيمته المطلقة، لهذا لابد من معرفة طبيعة وتطور مکوناته المتمثله في قيمة الصادرات والواردات الزراعيه . وتتلخص مشکلة الدراسه في الخلل الذي تعاني منه  الموازين الزراعيه سواء الميزان المائي أو الميزان التجاري ، حيث أنه من المتوقع أن يعاني الميزان المائي عجزاً نتيجة بناء سد النهضه ومافيه في ظل التزايد المستمر للاستخدامات المائيه نتيجة زيادة الطلب على الموارد المائيه وتعدد إستخداماتها ، کما يعاني الميزان التجاري عجزاً مستمراً نتيجة إرتفاع قيمة الواردات الزراعيه عن قيمة الصادرات الزراعيه ، خاصة أن مصر تعتبر مستورد صافي للغذاء ، وتزداد خطورة الموضوع بعد تحرير سعر الصرف الأمر الذي يستدعي ضرورة دراسة وتحليل تلک الموازين .  ويستهدف البحث بصفه أساسيه التحليل الاقتصادي لأهم الموازين الزراعيه في مصر ، وذلک من خلال دراسة النقاط الرئيسيه الآتيه :1- التحليل الاقتصادي للميزان المائي ومکوناته في مصر .2-  التحليل الاقتصادي للميزان التجاري الزراعي ومکوناته في مصر. و اعتمد البحث على أسلوب التحليل الاحصائي الوصفي لکل من الموارد المائيه المتاحه وفقاً لمصادرها المختلفه،  والاستخدامات المائيه حسب أغراضها المختلفه في مصر خلال الفتره (2006 -2017)، وکذلک التحليل الوصفي لقيمة الصادرات والواردات الزراعيه، والميزان التجاري الزراعي في مصر خلال الفتره ( ( 2017-2005 ، کما تم إستخدام الأسلوب الإحصائي الکمي في البحث لتحقيق أهدافه من خلال تحليل السلاسل الزمنية لتقدير الاتجاهات الزمنيه ، ومعدلات التغير السنويه لکل من الميزان المائي والميزان التجاري الزراعي ومکوناتهما في مصر، وبعض العلاقات الفيزيقيه بينهما وبين مکوناتهما ، وحساب بعض المقاييس الاحصائية اللازمة للبحث ، وفيما يتعلق بمصادر البيانات فقد استخدم البحث بصفة أساسية البيانات المنشوره بالجهاز المرکزي للتعبئه العامه والإحصاء ، في الکتاب الإحصاء السنوي بنشرات متفرقه ، إضافة إلى بعض الدراسات والبحوث الاقتصادبه ، والنشرات الدوريه والمراجع العربيه والأجنبيه ذات الصله بموضوع البحث . أهم النتائج بالبحث هي:  أولاً: بالنسبة للميزان المائي في مصر : 1- تبين أن حصة مياه نهر النيل تعتبر المصدر الرئيسى لتوفير إحتياجات مصر من الموارد المائية سواء للزراعة أو للأنشطة الاقتصادية الأخرى ، حيث قدرت الحصه الإجماليه بحوالي 666 مليار متر مکعب ، تعادل نحو  74.8% من إجمالي حجم الموارد المائيه المتاحه في مصر البالغ نحو 889.35 مليار متر مکعب خلال الفترة(2005/2006-2016/2017) ، ولا تقتصر مساهمة نهر النيل فى الإستفادة المباشرة بمياهه بل إنه يساهم بشکل أساسي فى إيجاد بعض الروافد المائية الأخرى مثل مياه الصرف الزراعى والصحي والصناعي في مصر ، وأيضاً معظم المياه الجوفية خاصة فى الوادى والدلتا. 2-  إتضح وجود تزايد في الاستخدامات المائيه في مصر،حيث تبين أن إجمالي الإستخدامات المائيه للقطاعات المستهلکة للمياه فى مصر بلغ نحو 886.98 مليار متر مکعب خلال الفتره المدروسه بالبحث ، وبلغ الحد الأدنى لإجمالي إستخدامات المياه حوالي 68.35 مليار متر مکعب في عام 2005/2006 ، أما الحد الأعلى لإجمالي إستخدامات القطاعات المستهلکه للمياه في مصر بلغت نحو 80.00 مليار متر مکعب عام 2016/2017 .3-  حقق الميزان المائي توازناً خلال أعوام 2010/2011 ، 2015/2016 ، 2016/2017 بمعنى تساوي حجم الموارد المائيه المتاحه مع الإستخدامات المائيه الإجماليه في مصر خلال تلک الاعوام .  ثانياً : بالنسبة للميزان التجاري الزراعي في مصر :  1- تبين أن قيمة الصادرات الزراعيه بلغت حداً أعلى عام 2017 بنحو 49886.3 مليون جنيه ، کما بلغت قيمة الواردات الزراعيه أعلى قيمة لها بنفس العام بنحو 80562.8 مليون جنيه ، کما تبين أن الصادرات الزراعيه في مصر عجزت عن تغطية الواردات الزراعيه خلال الفتره (2005-2017) المدروسه بالبحث. 2-  تبين أن الميزان التجاري الزراعي سجل عجزاً کبيراً متزايداً ، حيث بلغ العجز نحو (8625.4) مليون جنيه عام 2005 ، وقد تزايد هذا العجز سنه تلو الأخرى حتى وصل عام 2012 بقيمة بلغت (37453.7)  مليون جنيه ، ثم أخذ العجز في الإنخفاض حتى وصل إلى قيمة عجز بلغت نحو (9546.6) مليون جنيه عام 2015 .3-  إزدياد العجز في الميزان التجاري الزراعي في مصر خلال الفتره المدروسه بالبحث ، حيث سجل أعلى قيمة عجز له بنحو (30676.5) مليون جنيه عام 2017 . أهم التوصيات بالبحث هي: 1- البحث عن مصادر مائيه غير تقليديه لزيادة حجم الموارد المائيه في مصر للوفاء بمتطلبات القطاعات الاستهلاکيه للمياه (الاستخدامات المائيه) ، وخاصة الحصة المخصصه لقطاع الزراعه من المياه للتمکن من تنفيذ المشروعات الزراعيه الکبرى ، فضلاً عن تحقيق توازن في الميزان المائي أي مساواة حجم الموارد المائيه مع الاستخدامات المائيه في مصر . 2-  الإستمرار  في تنفيذ برامج ترشيد الاستهلاک من المياه في کافة القطاعات المستهلکه لها التي اعتمدتها الدوله في سياستها المائيه ، وخاصة ما يتعلق باتباع أنظمة ري ، وطرق زراعيه حديثه ، وأصناف محاصيل متحمله لندرة وشح المياه التي تعاني منه الدوله .  3- الترکيز على تطوير هيکل إنتاجي متنوع بالدوله والتقليل من الاعتماد على المنتجات الأوليه في هيکل صادرتها ، والعمل على زيادة الصناعات الغذائيه مما يعمل على زيادة القيمه المضافه لها ، وهذا من شأنه يعمل على تشجيع الصناعات المحليه للتقليل من الإستيراد منها ، وذلک لمعالجة العجز المزمن في الميزان التجاري الزراعي .4-  البحث عن عناصر غير تقليديه من شأنها تؤدي لزيادة الإنتاج الزراعي خاصة في بعض المحاصيل التي تحقق مصر فيها ميزه نسبيه في الإنتاج الذي بدوره يزيد من کمية الصادرات الزراعيه المصريه ، مما يجعلها تتمکن من تغطية الواردات الزراعيه للوصول لتحقيق فائض في الميزان التجاري الزراعي الذي اعتاد على تسجيل عجز مزمن فيه منذ فتره طويله .