يلقب القطن في سوريا بالذهب الأبيض لما لهذا المحصول من أهمية کبرى تتجلى في دوره کمصدر للنقد الأجنبي يرفد الخزينة وکمصدر رزق لعدد کبير من المزارعين والعمال الذين يعملون في مراحل تصنيعه. وتتلخص مشکلة البحث في رغم أهمية زراعة القطن والصناعات المرتبطة به بالنسبة للاقتصاد السوري، لم تتناول أي دراسة في سوريا هذا المحصول في شکل صناعة متکاملة بجميع مراحلها من المزرعة حتى المستهلک النهائي المحلي أو في الأسواق الخارجية. ويواجه هذا المحصول العديد من المشاکل منها: أن القطن يعتبر من المحاصيل المستنزفة للموارد بشکل کبير، کذلک وجود المحالج القديمة التي يمکن أن تسيء إلى نوعية الحليج الناتج، کذلک تصدير کميات کبيرة من القطن المحلوج رغم إشارة الکثير من الدراسات إلى أن تصنيع هذه الأقطان يعطي قيمة مضافة کبيرة ويحقق مکاسب مضاعفة للاقتصاد السوري. لذا کان الهدف من هذا البحث تحديد أهم المتغيرات التي تؤثر على إنتاج وتسويق کل من القطن المحبوب والمحلوج. ومن أجل تحقيق أهداف البحث تم وضع نموذج يشمل مرحلتي المزرعة والحلج، واستخدم البحث طريقة المربعات الصغرى العادية OLS في تقدير النموذج، حيث تم التقدير على مرحلتين: مرحلة المزرعة وقدرت معالم المعادلات ذات الصورة اللوغاريتمية فتبين تأثر عرض القطن المحبوب إيجاباً بزيادة المساحة بينما تباين تأثير الأسعار المزرعية حسب مناطق الاستقرار بشکل يعکس عدم وضوح السياسة السعرية التي تتبعها الحکومة بالنسبة للمزارعين. وبدا ذلک جلياً من خلال تقدير معالم الدوال السعرية الخاصة حيث تباين تأثير الأسعار المحلية والعالمية للقطن المحلوج على السعر المزرعي للقطن المحبوب. وفي مرحلة الحلج أظهرت النتائج التأثر الکبير للصادرات السورية من القطن المحلوج بکل من الأسعار المحلية وأسعار تصدير القطن المحلوج حيث أدى ارتفاع أي منهما لانخفاض کميات الصادرات للدول المختلفة. فيما کان تأثير ارتفاع الأسعار المحلية إيجابياً على کمية القطن المحلوج المعروضة محلياً. استخدم البحث نموذج المحاکاة (Simulation Model) في تقييم النموذج حيث صمم نموذج المحاکاة ليقلد التطور الزمني للنظام الواقعي، وبالتالي يظهر قرب النموذج من الواقع الاقتصادي الذي يمثله النموذج. وتم تقييم النموذج من خلال مقارنته بالنموذج المشابه للواقع والذي قدر بطريقة المحاکاة فکان مقارباً للواقع وصالحاً للاستخدام في التقديرات والتنبؤات. من ثم استخدم البحث المحاکاة لتقدير أثر رفع الدعم عن السعر المزرعي، فأظهرت النتائج أن رفع الدعم يؤدي لزيادة التقلب في عرض القطن المحبوب والطلب عليه مع الاتجاه نحو زيادة کميات العرض والطلب في آخر فترة الدراسة، وکان الأثر مشابهاً على کل من الکميات المنتجة من القطن المحلوج وبذور القطن، في حين اتجهت کميات القطن المحلوج المسوقة محلياً وخارجياً إلى الاستقرار بشکل أکبر مع زيادة في الکميات المصدرة وانخفاض في الکميات المسوقة محلياً في السنوات الأخيرة للدراسة.