تعتبر هجرة العمالة المصرية إلى الخارج أحد التغيرات التي طرأت على هيکل بنيان الإقتصاد المصري خلال النصف الثاني من القرن العشرين، والتي أدت إلى تغيرات وإختلالات هيکلية في توازن سوق العمل في مصر، ولقد ترکزت هجرة العمالة المصرية بصفة رئيسية في سوق العمل الخليجي بالدول النفطية في غضون الثورة النفطية الهائلة التي شهدتها المنطقة منذ السبعينيات، بالإضافة إلى الهجرة لبعض الدول العربية والأوربية الأخرى بهدف الهجرة المؤقتة، والأخرى إلى أمريکا وکندا وأستراليا بهدف الهجرة الدائمة. وأدت هجرة العمالة المصرية للخارج ثم عودتها إلي حدوث تغيرات وإختلالات هيکلية في سوق العمل المحلى، ويعزي ذلک لأهمية قيمة تحويلات العمالة المصرية بالخارج وما تمثله من أهمية بالغة للإقتصاد المصري، حيث بلغ متوسط تحويلات العمالة المصرية بالخارج نحو 6.61 مليار دولار خلال الفترة (2005-2009)، لذا تکمن مشکلة الدراسة في طبيعة التغيرات التي طرأت على سوق العمل المصري من ناحية، والأثار الإقتصادية المترتبة علي هجرة وعودة العمالة المصرية من الناحية الأخري. وإستهدفت الدراسة التعرف علي تطور الوضع الراهن لأهم متغيرات سوق العمل في مصر من ناحية، ودراسة تطور هجرة العمالة المصرية إلي الخارج في ظل التغيرات الإقتصادية المحلية والإقليمية المختلفة من الناحية الأخري، وأثر ذلک علي قيمة تحويلات العمالة المصرية ومن ثم إنعکاس ذلک علي هيکل بنيان الإقتصاد المصري. وتحقيقاً لأهداف الدراسة فقد تم الإعتماد على الطريقة الإستقرائية في التحليل الاقتصادي من الناحيتين الوصفية والکمية، حيث تم إستخدام أساليب الإنحدار الخطية والتربيعية عند تقدير معادلات الإتجاه الزمني العام للتعرف علي المعالم العامة لمتغيرات الدراسة، بالإضافة إلي إستخدام نموذج يحاکي العلاقات الإقتصادية لسوق العمل المصري في صورة نموذج للمعادلات الآنية (Simultaneous Equations Method) بإستخدام إسلوب المربعات الصغرى على ثلاث مراحل“Three Stage Least Squares" (). وتم الحصول على البيانات من الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء، التقرير السنوي للبنک المرکزي المصري، والنشرة الإقتصادية للبنک الأهلي المصري خلال الفترة (1990-2009). ناقشت هذه الدراسة تطور سوق العمل في مصر، کما أوضحت النتائج وجود زيادة معنوية سنوياً في کل من عدد السکان، القوى العاملة، عدد العمال، عدد المتعطلين، أجر وإنتاجية العامل ومعدل البطالة خلال الفترة (1990-2009)، کما تم دراسة تطور هجرة العمالة المصرية إلي الخارج، حيث تبين تناقص معنوي في حجم الهجرة الدائمة، بينما تبين وجود زيادة معنوية في حجم الهجرة المؤقتة. وفيما يتعلق بتحويلات المصريين العاملين بالخارج أوضحت النتائج وجود زيادة معنوية لتلک التحويلات بلغت نحو 113.88 مليون دولار سنوياً، وبمعدل تغير بلغ حوالي 2.58% من متوسط قيمة تحويلات المهاجرين المصريين بالخارج والبالغة نحو 4420.18 مليون دولار خلال فترة الدراسة، کما أظهرت النتائج أن الولايات المتحدة الأمريکية تعد أکبر مصادر التحويلات إلى مصر، حيث يتم تحويل أکثر من 30% لتحويلات المهاجرين المصريين، وتأتي الکويت في المرکز الثاني، بينما إحتلت الإمارات العربية المتحدة، المملکة العربية السعودية، بريطانيا، سويسرا، ألمانيا،  قطر، إيطاليا، فرنسا والبحرين المراتب التالية بنحو 19.8%، 16.6%، 12.3%، 4.3%، 3.2%، 2.9%، 1.6%، 0.8%، 0.7%، 0.6% علي الترتيب. في حين تبين أن الأهمية النسبية لتدفقات تحويلات المهاجرين المصريين من الدول العربية مجتمعة بلغت حوالي 51.8% من إجمالي التحويلات خلال الفترة (2007-2009). وتوضح نتائج تقدير نموذج الهجرة المصرية للخارج أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، عدد السکان وزيادة عدد المتعطلين تؤدى إلى زيادة حجم الهجرة الخارجية، بينما تبين أن زيادة الطلب المحلى على العمال وزيادة الأجر السنوي للعامل تؤدى إلى إنخفاض الهجرة الخارجية.