يعاني المقتصد المصري من مشکلة انخفاض معدل الاکتفاء الذاتي من القمح، حيث قدر ذلک المعدل في المتوسط بحوالي 54.7% خلال الفترة 1992- 2009، الأمر الذي أدى إلى زيادة التبعية والاعتماد على العالم الخارجي في تأمين الاحتياجات المطلوبة للاستهلاک المحلي، حيث ارتفعت فاتورة واردات القمح من حوالي 0.7 مليار دولار عام 1992 إلى 2.6 مليار دولار عام 2009، وباتت مشکلة القمح تشکل عبء کبير يقع على کاهل الاقتصاد المصري والموازنة العامة للدولة من ناحية، وعلى کاهل المواطن المصري کمنتج ومستهلک من ناحية أخرى، الأمر الذي يشکل بالتبعية حجر عثرة في سبيل تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية المنشودة في الدولة. ويهدف البحث بصفة أساسية إلى بناء نموذج رياضي يشتمل على عدد من المتغيرات المستخدمة في حساب نسبة الاکتفاء الذاتي من القمح في مصر، بحيث يمکن تتبع تأثير تلک المتغيرات بالإضافة إلى إمکانية استخدام النموذج المقترح في التنبؤ بالعديد من المشاکل المستقبلية في قطاع القمح، ومن ثم اقتراح عدد من السيناريوهات لمواجهة وعلاج تلک المشکلات في المستقبل. ويخلص البحث إلى تصنيف مصر عالمياً من حيث نسبة الاکتفاء الذاتي من القمح بها ووضعها في مجموعة الدول التي حققت اکتفاء ذاتي من القمح تراوح في المتوسط بين 50  وحتي أقل من 100%، وبلغ عدد هذه الدول 34 دولة بلغ عدد سکانها حوالي 2021 مليون نسمة، تمثل 33% من إجمالي سکان العالم خلال فترة الدراسة ( 1992- 2009)، کما بلغ إنتاج تلک الدول حوالي 174 مليون طن من القمح يشکل حوالي 29% من إجمالي الانتاج العالمي من القمح، وقدر متوسط واردات تلک المجموعة بنحو 45 مليون طن من القمح يمثل 34% من إجمالي الواردات العالمية خلال فترة الدراسة، ويعتبر متغير الاستهلاک الآدمي من القمح مکون عام من مکونات الاحتياجات القمحية بتلک المجموعة، حيث قدر بحوالي 164 مليون طن، يمثل نحو 40% من جملة الاستخدامات العالمية للقمح. کما أوضحت نتائج تطبيق النموذج المقترح بالدراسة إمکانية دراسة الآثار المترتبة على تبني سياسات اقتصادية معينة، حيث تم افتراض سياسة اقتصادية تعمل على ثلاثة محاور تتمثل في خفض کميات القمح الموجه لتغذية الحيوان، وإجمالي کميات الفاقد بنحو 10 بالمائة سنوياً لکل منهما، بالإضافة إلى ترشيد کمية القمح المخصص لإستهلاک الفرد من خلال العمل على خفضها بنحو 5% سنويا،ً على أن يبدأ تنفيذ تلک السياسات من عام 2014. ولقد اتضح أن الآثار الاقتصادية المترتبة على تطبيق السياسات المقترحة تتمثل في خفض کمية القمح الموجه لتغذية الحيوان من 1.4 مليون طن تعادل قيمتها حوالي 414 مليون دولار عام 2014 إلى 0.7 مليون طن بقيمة 198 مليون دولار عام 2020، کما يؤدي هذا الوضع إلى خفض کميات الفاقد من القمح من 1.1 مليون طن تعادل قيمتها 293 مليون دولار عام 2014 إلى 0.5 مليون طن بقيمة 143 مليون دولار عام 2020، علاوة على ما سبق فإن ترشيد استهلاک الفرد من خلال افتراض اتباع سياسات من شأنها خفض استهلاکه من القمح بنسبة 5% سنوياً سينتج عنه خفض استهلاک الفرد من القمح من 146 کيلو جرام بقيمة 41 دولار عام 2014 إلى 102 کيلو جرام بقيمة 29 دولار عام 2020 ومع استمرار النمو السکاني، سيزداد عدد السکان من 85.6 مليون نسمة عام 2013 إلى 98 مليون نسمة عام 2020، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض إجمالي کمية القمح الموجهة إلى الاستهلاک الآدمي من 12.5 مليون طن بقيمة 3.5 بليون دولار عام 2014 إلى 10مليون طن بقيمة 2.8 بليون دولار عام 2020، وبناءً على تطبيق السياسات المقترحة فإن مصر سوف تحقق اکتفاءً ذاتياً من القمح عام 2020 تبلغ نسبته حوالي 106% مقارنةً بحوالي69% خلال نفس العام إذا لم تتبنى الدولة تلک السياسات المقترحة. لذا يوصي البحث: بأهمية عمل أبحاث أخرى لدراسة المتغيرات ذات الأهمية في التأثير على الميزان الغذائي للقمح ليس على المستوى المحلي فحسب بل على مستوى دول المجموعة التي صنفت مصر داخلها، علاوة على دراسة تلک المتغيرات على مستوى دول العالم الأخرى، حتي يمکن رسم السياسات القمحية المصرية في إطار دولي شامل. ومحاولة تطبيق هذا النموذج على العديد من المحاصيل وبالتالي وضع تصور شامل عن المحاصيل الزراعية في مصر، فضلاً عن اتباع سياسات اقتصادية من شأنها:  العمل على ارتفاع کفاءة إنتاج االخبز وتحسين مواصفات رغيف الخبز، وصلاحيته للاستهلاک الأدمي، وإعادة النظر في سياسة الدعم الموجه لرغيف الخبز، وتشجيع الاستثمار في الفاقد، والنهوض بکفاءة الصوامع وصيانتها أواستبدالها للتغلب على الفاقد أثناء مرحلة التخزين، والترکيز على دعم الأعلاف الحيوانية کنوع من دعم المنتج.