أن انتهاج مصر لبعض السياسات الاصلاحية في قطاع الزراعة ، وتعرضها لبعض الاضطرابات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية مؤخراً ، قد أحدث تغيرات في تکلفة إنتاج الفدان من ناحية ، والأسعار المزرعية للوحدات المنتجة من هذه المحاصيل من ناحية أخرى ، بل تعدى ذلک التأثير ليشمل الکميات المنتجة من السلع والخدمات الزراعية أيضاً ، والتي انعکست بدورها على التأثير في ربحية الفدان والذي يعتبر دالة للعوامل الثلاث السابقة لمحاصيل الدراسة والتي تتمثل في القمح والأرز والذرة الشامية وقصب السکر والقطن والبرسيم ، لذا تهدف هذه الدراسة إلي قياس التغيرات على ربحية الفدان للمحاصيل موضع الدراسة ، وذلک بمقارنة النتائج المتحصل عليها لمتوسط فترة الأساس( 1994 – 2003 ) ومتوسط فترة المقارنة ( 2004 – 2013) ، وقد استخدمت الدراسة الأسعار الجارية والأسعار الحقيقية المثبتة بالأرقام القياسية لأسعار الجملة للمنتجات الزراعية لمعرفة التغير الحقيقي في التغيرات السابقة خلال فترتي الدراسة .
وقد أوضحت الدراسة من خلال التحليل الإحصائي للربح والعوامل المؤثرة عليه ، إتجاه ربحية الفدان إلي الزيادة لفترة المقارنة لکل محاصيل الدراسة بالمقارنة بمستواه لفترة الأساس عند استخدام الأسعار الجارية ، حيث بلغت نسبة الزيادة حوالى 215,94% و 143,54% و 192,98% و 275,27% و 90,56% و 194,54 % وذلک للقمح والأرز والذرة الشامية وقصب السکر والقطن والبرسيم على الترتيب ، وترجع هذه الزيادة في المقام الأول إلى الارتفاع في السعر المزرعى للطن في فترة المقارنة عن مستواه في فترة الأساس بنسبة تقدر بحوالي 406,22% و 243,54% و 588,05% و 439,97% و 306,94% و231,15% وذلک لکل محاصيل الدراسة على الترتيب ، کما ترجع هذه الزيادة في المقام الثاني إلى الارتفاع في انتاجية الفدان في فترة المقارنة عن مستواه في فترة الأساس بحوالي 7,84% و 22,72% و 2,28% و3,55% و 0,087% و 4,40% لکل محاصيل الدراسة على الترتيب , وعلى النقيض من ذلک فقد أدى ارتفاع تکلفة إنتاج الطن في فترة المقارنة عن مستواه في فترة الأساس إلى انخفاض ربحية الفدان بنسبة تقدر بحوالي 42,12% و 57,77% و 58,37% و 32,89% و 53,58% و 14,81% لکل محاصيل الدراسة على الترتيب وعند استخدام الأسعار الحقيقية المثبتة بالأرقام القياسية لأسعار الجملة عام 2005 = 100 أمکن التوصل إلى نتائج تختلف إلى حد کبير في قيمتها عن النتائج السابقة وإن کانت تتفق في إتجاهها.
وعند دراسة الربحية النسبية للمحاصيل موضع الدراسة من خلال تقدير بعض المؤشرات يتمثل أهمها في : ربحية الفدان ، وربحية الفدان في الشهر ، وربحية الجنيه في الموسم ، وربحية الجنيه في الشهر لکل محصول ، هذا وقد تبين أن محصول البرسيم إحتل المرکز الأول تقريباً وفق کل المؤشرات السابقة ، وأن ذلک قد يرجع إلى انخفاض تکلفة الفدان الکلية لهذا المحصول ، وارتفاع صافى عائد الفدان ، بينما حافظ محصول الأرز على المرکز الثاني تقريباً وفقاً للمؤشرات السابقة ، وقد يرجع ذلک إلى إهتمام الدولة بهذا المحصول الغذائي الهام ، هذا فضلاً عن قصر مدة مکثه في الأرض ، أما محصول القمح فقد إحتل المرکز الثالث تقريباً وفق المؤشرات السابقة ، وأن ذلک قد يرجع ذلک إلى إهتمام الدولة بهذا المحصول خاصةً فيما يتعلق بالسياسة التسويقية والسعرية , أما محصول قصب السکر والقطن فقد تبادلا تقريباً المرکزين الرابع والخامس حيث أدى إهتمام الدولة بمحصول قصب السکر خاصة في الآونة الأخيرة وذلک فيما يتعلق بالسياسة السعرية إلى ارتفاع ربح الفدان منه ، الأمر الذى أدى إلى زيادة العائد على الجنيه المستثمر لهذا المحصول , أما محصول القطن فقد أدى عدم وضوح السياسة السعرية والتسويقية له ، وعدم التزام الدولة باستلام هذا المحصول خاصة في الآونة الأخيرة إلى انخفاض ربح الفدان من هذا المحصول , أما محصول الذرة الشامية فقد إحتل المرکز الأخير تقريباً وفقاً للمؤشرات السابقة ، وقد يرجع ذلک إلى ارتفاع تکلفة إنتاجها نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج خاصة الأسمدة .
وفى ضوء ما توصلت إلية الدراسة من نتائج فإنها توصى بالأتي :
1- ضرورة الإهتمام بوضع سياسة سعرية مناسبة ، وواضحة وعادلة ، وإعلانها قبل زراعة المحاصيل الزراعية بفترةً کافية ، ومراجعتها بصفة دورية ومنتظمة ، حيث أثبتت نتائج الدراسة أن : السعر المزرعى من أهم العوامل التي تؤثر على ربحية الفدان لکل محاصيل الدراسة ، وأنه ما زال هو المحرک الرئيسي لدى المزارع الذى يحدد التوسع في زراعة محصول معين من عدمه بغض النظر عن کثيراً من الاعتبارات.
2- ضرورة توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي بکميات کافية ، وبحالة جيدة وأسعار مناسبة , حيث أثبتت نتائج الدراسة أن استمرار ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بهذا الشکل سوف يغير من الترکيب المحصولي المصري في الأمد القصير ، وهذا ما لاحظناه في أخر عامين من عزوف عدد ليس بالقليل من المزارعين عن زراعة محصول الذرة الشامية وزيادة المساحات المزروعة بالبرسيم .
3- ضرورة مراجعة السياسة التسويقية والسعرية لمحصول القطن , حيث أثبتت نتائج الدراسة أن القطن يحتل المرکز قبل الأخير في ترتيب محاصيل الدراسة من حيث ربحية الفدان ، الأمر الذى قد يؤدى إلي عزوف شبة کامل عن زراعة هذا المحصول الهام في الأمد القصير .
4- ضرورة التوسع في استلام القمح من المزارعين ، وسحب کل فائض العرض من هذا المحصول کلما لزم الأمر، لأن وجود هذا الفائض لدى المزارع سوف يؤدى الى خفض سعره خاصة بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة التي أثبتت نجاحها ، وقد أدي ذلک النجاح إلي اکتفاء الغالبية العظمى من المستهلکين من القمح ودقيقة التي توفره الدولة ، الأمر الذى قد يهدد زراعة هذا المحصول في الفترات القادمة ، خاصة وأن محصول البرسيم أصبح منافساً قوياً للقمح يجب أخذه في الاعتبار.