شهدت الآونة الأخيرة إرتفاع في أسعار الغذاء إلى مستويات أصبحت تهدد کثير من دول العالم وخاصة الدول النامية ومنها مصر؛ حيث يمثل الإنفاق على الغذاء نحو 34.4% من إجمالي الإنفاق الإستهلاکي. لذا ترجع الأهمية التطبيقية للبحث في محاولة دراسة تأثير تغيرات أسعار السلع الغذائية على الإنفاق، والإستفادة من ذلک في وضع السياسات الإقتصادية المستقبلية والبرامج الإرشادية والتوعية المناسبة لمواجهة التحديات التي تفرضها إرتفاع أسعار الغذاء وسرعة تقلبها. ومن ثم إستهدف البحث بصفة أساسية دراسة التحليل الإقتصادي والإجتماعي لأثر إرتفاع الأسعار والموقع الجغرافي على الأنماط الإنفاقية على الغذاء للأسر الزراعية وکذلک التعرف على أسباب ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمشکلات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن هذا الإرتفاع وردود أفعال المبحوثين في التصدي له والتعرف على أهم جهات توعية المبحوثين بکيفية التعامل مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بالإضافة إلى مقارنة النمط الإنفاقي الغذائي للسلع في مناطق عينة الدراسة ودراسة العلاقة بين الإنفاق على السلع الغذائية موضع الدراسة من خلال دراسة المرونات الکمية والإنفاقية والنوعية وإلقاء الضوء على الإختلاف بين المرونات في محافظتي الدراسة والتغير في هذه المرونات نتيجة إرتفاع الأسعار.  وإعتمد البحث في تحقيق أهدافه على منهج دراسة الحالة والمنهج المقارن حيث أُجري هذا البحث في محافظتين بالجمهورية تُمثل نمطين مختلفين من ثقافة الجمهورية وهي محافظة البحيرة مُمثله لثقافة الوجه البحري، ومحافظة أسيوط مُمثلة لثقافة صعيد مصر وذلک للوقوف على مدى التباين في نمط إستهلاک الغذاء وفقا" للثقافات المختلفة للجمهورية، حيث تم إختيار عينة عمدية من 50 أسرة مزرعية من محافظة البحيرة و50 أسرة مزرعية من محافظة أسيوط ، ليصل إجمالي عينة البحث إلى 100 أسرة مزرعية، وقد تضمنت الدراسة النمط الإنفاقي الإستهلاکي الغذائي لکلاٍ من مجموعة الحبوب (الخبز، الأرز، المکرونة، الدقيق)، مجموعة الزيوت والدهون (السمن البلدي والسمن الصناعي والزيوت النباتية)، اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماک (اللحوم الحمراء، اللحوم البيضاء، الطيور، الأسماک)، مجموعة البقول (الفول، العدس)، البيض، السکر، الألبان. وقد أُستخدم التحليل الوصفي الذي اعتمد على التکرارات والنسب المئوية في وصف عينة البحث وإبراز نتائجه والتحليل القياسي الذي اعتمد على تحليل التباين في إتجاهين، قياس المرونات الکمية والإنفاقية والنوعية.وقد أظهرت نتائج البحث مايلي:زيادة متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء من حوالي 152.8 نقطة في إبريل 2016، إلى حوالي 168.9 نقطة في إبريل 2017 بنسبة زيادة تُقدر بنحو 10.5%.زيادة متوسط أسعار السلع الغذائية (الأرز والمکرونة والزبدة البلدي واللحم البقري الطازج واللحم البقري المستورد والدجاج البلدي والدجاج المستورد والسمک البلطي والسمک المجمد والبيض والفول العدس المجروش والعدس الصحيح والسکر) بنسبة زيادة تُقدر بنحو43.5% شهر إبريل 2017 مقارنة بشهر إبريل 2016. بلغت نسبة الإنفاق الإستهلاکي للأسرة على السلع الغذائية بعينة الدراسة نحو 39.3% من إجمالي إنفاقها الإستهلاکي؛ وذلک تؤکد النتائج المتحصل عليها من عينة الدراسة أهمية دراسة أنماط الإستهلاک الغذائي.أرجع أغلب المبحوثين بنسب 96%، 100%، من المبحوثين في البحيرة وأسيوط تغير نمط استهلاکهم للسلع الغذائية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية.تبين أن 38% من مبحوثي البحيرة  خفضوا من انفاقهم على شراء السجائر، و خفض 58% من مبحوثي أسيوط انفاقهم على الملابس.تبين أن 40% من مبحوثي البحيرة  قللوا انفاقهم على اللحوم، في حين قلل 68% من مبحوثي أسيوط انفاقهم على الحلوى.تبين أن 88%، 86% من البحوثين في البحيرة وأسيوط على الترتيب کانوا يعانون من عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم ورغبات أبنائهم.کان التلفاز أهم جهات توعية 92% من المبحوثين في البحيرة، في حين کانت المؤسسات الدينية هي الأهم في محافظة أسيوط کجهة للتوعية بکيفية التعامل مع ارتفاع اسعار الغذاء وذلک بنسبة 88% من مبحوثي أسيوط.هناک أثر للتمنطق على الإنفاق الإستهلاکي للسلع بعينة الدراسة وکذلک بالنسبة للأسعار؛ الأمر الذي يؤدي إلى إستخدام بيانات العينة في کل محافظة على حدا.إرتفاع الأهمية النسبية للإنفاق على الغذاء من إجمالي الإنفاق الإستهلاکي إلى نحو 46.9%، 51.3% بعد إرتفاع الأسعار مقارنة بنحو 33%، 37.7% قبل إرتفاع الأسعار في محافظتي البحيرة وأسيوط على الترتيب، مما يدل على إنخفاض مستوى المعيشة والرفاهية لتلک الأسر.إنخفاض الأهمية النسبية في محافظة البحيرة لکلِ من الأرز، المکرونة، الدقيق، السمن البلدي، اللحوم البلدي، الطيور، الألبان. وهذا ما يوضح إتجاه المستهلک نحو السلع البديلة الأرخص ثمنا" والتي قد تکون أقل في القيمة الغذائية.إنخفاض الأهمية النسبية في محافظة أسيوط لکلِ من الأرز، المکرونة، السمن البلدي، اللحوم البلدي، الطيور، البيض، السکر، الألبان. وهذا ما يوضح إتجاه المستهلک نحو السلع البديلة الأرخص ثمنا" والتي قد تکون أقل في القيمة الغذائية.تبين من مقارنة معامل المرونة الإنفاقية والکمية للفئات الإنفاقية الثلاثة للسلع بعينة الدراسة في ظل تغيرات الأسعار في محافظتي الدراسة (البحيرة وأسيوط) إنها تقل عن الواحد الصحيح؛ مما يدل على أن تلک السلع تُعد من السلع الأساسية ،کما تبين أن معامل المرونات أکبر في محافظة أسيوط عن محافظة البحيرة لأغلب السلع؛ بسبب زيادة الدخل في محافظة البحيرة.في محافظة البحيرة، تختلف أهمية السلع فيما بينها في ظل تغيرات الأسعار، حيث يُعتبر الخبز أکثرها أهمية في الفئات الإنفاقية الثلاثة قبل وبعد زيادة الأسعار ، بينما تُعتبر اللحوم الحمراء أقلها أهمية في الفئتين الأولى والثانية أما في الفئة الإنفاقية الثالثة تُعد الألبان أقل السلع أهمية قبل زيادة الأسعار. أما بعد زيادة الأسعار تُعتبر المکرونة والسمن البلدي أقلها أهمية بينما تعتبر اللحوم الحمراء سلعة کمالية في الفئة الإنفاقية الأولى وشبه ضرورية في الفئتين الثانية والثالثة.في محافظة أسيوط، تختلف أهمية السلع فيما بينها في ظل تغيرات الأسعار، حيث يُعتبر الخبز أکثرها أهمية في الفئات الإنفاقية الثلاثة قبل وبعد زيادة الأسعار، بينما تُعتبر اللحوم البلدي أقلها أهمية في الفئات الإنفاقية الثلاثة قبل وبعد زيادة الأسعار.تقترب المرونة النوعية من الصفر؛ مما يدل على أن المبحوث في محافظتي الدراسة کلما زاد إنفاقه الإستهلاکي (دخله) يتجه إلى إستهلاک کمي أکبر للسلع الغذائية بعينة الدراسة دون الإهتمام بنوعية هذه السلع.