يعرف عصرنا الراهن بعصر الثورة التکنولوجية والانفجار المعرفي، فقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين تقدماً هائلاً في مجال تکنولوجيا المعلومات، وحولت الوسائط التکنولوجية الحديثة العالم إلى قرية صغيرة، وانعکس هذا التطور على مجالات عديدة، ويعد التعليم من المجالات التي استفادت من هذا التطور بصورة کبيرة.
وتعد استراتيجيات التعلم الالکتروني من أهم الاستراتيجيات التي لاقت نجاحاً في النظام التعليمي في الآونة الأخيرة، لما لها من نتائج طيبة وجديدة في إحداث نقلة في مجالات التعلم النشط والتعلم الالکتروني حيث أشارت نتائج دراسة کل من ممدوح الفقي (2009) وعماد بديع (2011) إلى فاعلية استخدام استراتيجيات التعلم الالکتروني المتمثلة في التعلم التعاوني الالکتروني، واستراتيجيات عرض المحتوى، والمشروعات الالکترونية، والتدريب الالکتروني على التحصيل الدراسي وتنمية المهارات، والتدرب على استخدام محرکات البحث.
ويشير حسين عبد الباسط (2011: 32) إلى أهمية عناصر التعلم بأنها تسهم في تحسين التعلم من بعد، فهي تعطي المادة التعليمية الصبغة العالمية بجعلها قابلة لإعادة الاستخدام في بيئات تعليمية أخرى، بالإضافة إلى وجود وسائط تعليمية متعددة مثل الصوت والصورة، بالإضافة إلى الحيوية التي تعطيها عناصر التعلم للمحتوى.
وعن خصائص عناصر التعلم يشير "ديجين" و"باريش"(Parrish, 2014) (Degen, 2012) إلى أهم الخصائص التي يجب أن تتوفر في عناصر التعلم ومنها : إمکانية الوصولAccessible وإعادة الاستخدامReusable والتکيف Adaptable و الاستقلالية Stand alone والتفاعلية Interactivity.
وأشار إبراهيم الحسينان (2010) إلى التنظيم الذاتي بأنه: استخدام المتعلم لمهاراته وقدراته لإنجاز عملية التعلم بنفسه دون مساعدة الآخرين والبحث عن المساعدة في حالة الاحتياج إليها، وهو کذلک القدرة على حل المشکلات، والإلمام بمصادر المعرفة والقدرة على استخدامها، والمهارة في تنظيم المواقف والأنشطة التعليمية.
وعن العلاقة بين التعلم الالکتروني ومهارات التنظيم الذاتي بين عبد العزيز طلبه (2011) أن بيئة التعلم عبر الويب تعد من أنسب البيئات لتنشيط وتنمية مهارات التنظيم الذاتي لما تتضمنه هذه البيئة من مثيرات حسية وأنشطة تفاعلية وتغذية راجعة تمکن المتعلم من إدارة ومراقبة وتقييم عملية تعلمه، کما تستهدف هذه البيئة مساعدة المتعلمين على مراقبة وتنظيم عملية تعلمهم وتقديم الدعم لهم، وعلى المتعلم أن يخطط ويبني ويخصص المحتوى المتاح له بحسب احتياجاته المعرفية والتي قد تختلف من متعلم لآخر.
ويعد التعلم النقال شکلاً جديداً من أشکال نظم التعليم محمد خميس (2014: 14) والذي يتسم بانفصال المعلم عن المتعلم مکانياً وزمانياً، والتعلم النقال مصطلح لغوي جديد يشير إلى استخدام الأجهزة المحمولة في عملية التعليم، هذا الأسلوب متعلق إلى حد کبير بالتعلم الإلکتروني والتعليم من بعد، ويرکز هذا المصطلح على استخدام التقنيات المتوفرة بأجهزة الاتصالات اللاسلکية لتوصيل المعلومة خارج قاعات التدريس.
ويعد هذا الاستخدام هو الاستخدام الأمثل لتوظيف المناقشة الالکترونية، حيث بين کرانش (2009، (Krannich وحسن الباتع(2010: 98) وزارا Zara ,2010)) أنه يجب الاستفادة من الأجهزة النقالة في تطبيق استراتيجيات التعلم الالکتروني المختلفة، کما أن لتوظيف المناقشة الالکترونية يجب أن تکون هناک مساحة کبيرة للمناقشة في أي وقت حيث يستطيع الطالب الاستفسار عما يدور في عقله في أي وقت.
ومن هنا جاءت فکرة الدراسة الحالية وهي الدمج بين استراتيجيات التعلم الالکتروني مع تکنولوجيا الاتصالات المتمثلة في التعلم النقال حيث أشار الغريب زاهر( 2009: 19) إلى آليات توظيف استراتيجيات التعلم الالکتروني ، حيث يمکن استخدام استراتيجية التدريب عندما يکون الهدف اکتساب مهارات، ويمکن استخدام استراتيجية المناقشة الالکترونية عندما يکون الهدف اکتساب معرفة وحقائق علمية والتوصل إلى قناعات مختلفة حول موضوع معين والتي يمکن تقديمها من خلال ملفات الصوت، أو ملفات الفيديو أو ملفات النصوص ،کما يمکن استخدام استراتيجية العروض الإلکترونية لتقديم الحقائق والمعلومات ،واکتساب المهارات وعرضها بشکل متتابع يسهل فهمها واتقانها ، أو استراتيجية التعلم التعاوني الإلکتروني E-Cooperative Learning عندما يتعاون الطلاب معاً لتحقيق هدف تعليمي محدد ککتابة ورقة بحثية أو البحث عن مفهوم ما على الشبکة ، أو استراتيجية العصف الذهني الإلکتروني E-Brainstorming إذا کان الهدف إثارة التفکير و قدح الذهن وتشجيع الطلاب لکى يبنوا على أفکار الآخرين ، أو استراتيجية الاکتشاف الإلکتروني E-Discovery لجعل المواقف التعليمية تحتوى على مشکلات تثير لدى المتعلم شعوراً بالحيرة ، و تدفعه إلى البحث و الاستقصاء عن المعلومات و الحقائق ، أو استراتيجية المحاکاة simulation لدراسة المعلومات والمواقف التي يصعب دراستها نظرا لصعوبتها أو ندرتها أو خطورتها فيتم دراستها دون التعرض للأخطار المرتبطة بالموقف التعليمي ، أو استراتيجية المشروعات الالکترونية لتفريد التعلم ولتنمية مهارات محددة والخروج بمنتج نهائي على شکل مشروع الکتروني.
وقد تم رصد المبررات التي بينت وجود مشکلة لدى طلاب تکنولوجيا التعليم فيما يلي:
- القيام بدراسة استطلاعية على طلاب الفرقة الرابعة بکلية التربية النوعية بأشمون جامعة المنوفية (2016 الفصل الدراسي الأول – 15 طالب) لتحديد أهم الأسباب لانخفاض الأداء المهارى لمهارات إنتاج عناصر التعلم الرقمية ومهارات التنظيم الذاتي ، وقد اشتملت الاستبانة على أربعة محاور رئيسية هي ( مهارات إنتاج عناصر التعلم الرقمية - طبيعة التدريب على مهارات إنتاج عناصر التعلم الرقمية – متابعة الطلاب في التدريب – مهارات التنظيم الذاتي ) ، وبينت نتائج الدراسة الاستطلاعية أن الطلاب يدرسون مقرر إنتاج البرامج الجاهزة ولا يستطيعون أن يميزوا بين البرمجيات التي تستخدم لإنتاج عناصر التعلم الرقمية وغيرها من البرمجيات الأخرى وذلک لصعوبة المادة لأنها تحتوي على مفاهيم ومصطلحات ومهارات متقدمة تحتاج إلى الفهم الجيد لها والتدريب المستمر والمتابعة المستمرة أيضا. کما بينت نتائج الدراسة الاستطلاعية عدم وجود أي خلفية نظرية عن مهارات التنظيم الذاتي.
- حاجة الطلاب لتدريب على مهارات انتاج عناصر التعلم الرقمية اتساقاً مع المعايير الأکاديمية القياسية لإعداد خريجي شعبة تکنولوجيا التعليم بکليات التربية النوعية حيث نصت على أن يظهر خريجي تکنولوجيا التعليم تمکناً من المهارات المرتبطة بمجال تخصصهم، فينبغي أن يحدد أسس ومبادئ التصميم التعليمي ونماذجه في إعداد الدروس والمقررات والبرامج بأنواعها، وکذلک يستطيع أن يصمم الخريج الدروس والمقررات وفقًا لمبادئ التصميم التعليمي. وثيقة المعايير القومية (2010: 287).