يشهد العصر الحالي تطوراَ مذهلاَ في مجال المعرفة, ولم يعد بوسع الإنسان سوى أن يحيط بالقدر اليسير من هذه المعارف المتدفقة، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تطـوير أساليب التفکير بما يساعد الفرد على تنمية قدراته ليصبح قادراَ على التعامل مع هذا الکم المعرفي الهائل, ويشمل ذلک الاهتمام بالجوانب المهارية للفرد ليصبح قادراَ على مواجهة العقبات التي تقابله بثقة واصرار.
ويقع العبئ الأکبر على المنظومة التربوية في إنتاج أفراداَ لا تملأ عقولهم بالمعلومات فقط وإنما تتطلب مفکرين يتميزون بمهارات عليا ترتقي بهم الى المعالجة الذهنية للمواقف وفق معايير محددة.
ويربط علماء النفس بين التفکير وحل المشکلة إذ يرون أن التفکير بمعناه العام هو کل نشاط عقلي يرمز للأشـــــياء برموزها بدلاً من معالجتها واقعياً، أما التفکير بمعناه الخاص فيقتصر على حل المشکلات حلاً ذهنياً وهو ما يعرف بالتفکير الاستدلالي. (جاکلين کشک،2009، 42).
ويواجه الفرد العديد من المشکلات في حياته اليومية فيعمل على إيجاد مخرج لتلک المشکلات باستدعاء الحل المناسب وهذا يتطلب طرق علمية منظمة التي تؤدى في النهـــــاية لاستکشاف الحقائق والوصول إلى الحل.(عبد المعطى سويد،2003، 96)
ويري بعض التربويين أن فشل کثير من الناس في القيام بمعالجة مشکلاتهم بشکل مباشر وسليم هو السبب فيما نصادف من مشکلات من سوء التوافق وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، والحل الوحيد هو تعلم کيفية حل المشـکلات ومواجهة الصعوبات وارتکاب الأخطــــاء التي تؤدى في النــهاية إلى اکتشاف الحل السليم للمشــــــکلة, وقد لخص کنجزلى ذلک بقوله إن المشکلة الجيدة هي دافع جيد على التعلم. (رجــاء أبو علام, 2004, 225)
واستناداَ الى ما سبق ينبغي تضمين المنهج المهارات الفرعية اللازمـــة لحل المشکلات مثل: استرجاع المعلومات وتفسيرها واستخدامها وإنتاجها أوتقديمها بطرق مختلفة, وينبغي تطوير تلکالمهارات في سياقات متنوعة من خلال انخراط التلاميذ في حل مشکلات واقعية ذات صلة بحياة الطلاب واهتماماتهم. (کريمان بدير,2008 ,100).
ومن هذا المنطلق فقد أکدت دراسات عديدة على أهمية تنمية مهارات حل المشکلات في مادة العلوم ومن هذه الدراسات دراسة (إسلام عبدالله,2005), ودراسة (أمينة مختار, واخرون,2010) ودراسة (serin,2011), ودراسـة (جوهره أبو عيطة,2013), ودراسة (ناجي الضفيري, 2013), ودراسة (جمال فتح الباب,2015), ودراسة Chang,2017)). وتوصلت نتائج هذه الدراسات إلى ضرورة تنمية مهارات حل المشکلات لدى الطلاب في مواد العلوم کما أوصت هذه الدراسات بتضمين
تلک المهارات والتشجيع على تنميتها عند تخطيط وتنفيذ المقررات الدراسية.
ومن خلال عرض الدراسات السابقة: يتضح أن تنمية مهارات حل المشکلات لدى الطلاب باعتبار أنها تجعل من الطالب محوراَ رئيساَ ترتکز عليه جميع نشاطات التعلم, بدءاَ من التفکير للمشکلات التي تواجهه وصولاَ لاستنتاجات مناسبة وأحکاماَ صائبة, حيث يعتبر التدريب على مهارات حل المشکلات هو بمثابة إجراء نظامي يستخدم جميع ذلک.
وتمثل الاتجاهات مکوناَ أساسياَ من مکونات الشخصية, إذ يمکن اعتبارها موجهات للسلوک ومن ثم يمکن الاعتماد عليها في التنبؤ بنوع السلوک العلمي الذي يقوم به للطالب, کما يمکن اعتبارها دوافع توجه الطالب, وبالتالي ضرورتها في تکوين العقلية العلمية إذ لا يستقيم التفکير العلمي بدونها.(عايش زيتون، 109,2005)
وتأتي أهمية الاتجاهات من التصور الخاص لبعض التربويين لما يطلق عليه اسم "المنهج المفتوح" والذي يجب أن يکون أقل اعتماداَ على المعرفة, وأن يعني بصورة أکثر فعالية بمسألة الاتجاهات والقيم وخبرات المتعلم. (أحمد اللقاني, 2002, 81)
وتشير (زبيدة قرني. 2006، 44) إلى أن تکوين اتجاهات موجبة نحو العلوم يخضع لعدة عوامل أهمها کالتالي:
- بناء ثروة علمية من المعرفة العلمية- شحن المعلومات العلمية والمعارف التقنية بطريقة عاطفية تؤدى لإرضاء المتعلم وتعديل سلوکه - قاعدة سليمة من المعرفة التقنية وتطبيقاتها.
وفي هذا الصدد أشارت دراسات عديدة الى أهمية تنميـــــة الاتجاه نحو مادة العلوم ومن هذه الدراسات: دراسـة (خلودبرکة,2010), ودراسة(Tuysuzi,2010), ودراسة (محمد أبو عوده, 2012) ودراسة (هشام عبد العزيز, 2012), ودراسـة(السيد الرفاعي, 2014) ودراسة.(sariay
(2015, ,وتوصلت نتائج هذه الدراسات الى أهمية تنميـــة الاتجاه نحو مادة العلوم حيث أنها تنظم المعلومات بطريقــة تيسر من فهمها واستيعابها, وتطور قدرات الطـلاب للأعمال المختبرية, کما أنها تساعد على اتخاذ القرارات المناسبة, وتعطى قدراَ من الاتساق النفسي وعدم التردد.
وفي ضوء ماسبق تتضح أهمية تنمية الاتجاه نحو مادة العلوم حيث أن التعلم يرتبط على نحو وثيق بالاتجاه، فإذا کان اتجاه الطالب نحو مادة ما أو موضوع ما إيجابياً زاد ذلک من تعلمه وأصبح سلوکه بناءاً, کما أن هناک عوامل بالغة الأهمية في تنمية الاتجاه نحو مواد العلوم ينبغي أن يهتم بها المعلمون وأهمها: تنظيم المعلوات والمعارف بشکل جيد, وتوفير بيئة غنية بالمثيرات والأنشطة والتجارب تثري العديد من جوانب التعلم, وتنمي المهارات المختلفة.
ومن هذا المنطلق يتضح تأثير التکنولوجيا في مختلف نواحي العملية التعليمية, ولعل ذلک يتطلب استخدام أساليب في التدريس تخرج عن المألوف بمنطق العمل العلمي التقليدي إلى النشاط العلمي المبنى على بقاء أثر التعلم وانتقاله من التنظير إلى التطبيق والممارسة.
وتقوم فلسفة المعامل الحديثة على تقديم الجانب العملي على النظري وصولاً إلى المعارف النظرية من خلال استنتاجات الطلاب, فالجوانب العملية في التعلم تتيح استعمال حواس عديدة, وخير تعلم ما اشترکت فيه أکثر من حاسة.(سهيلة الفتلاوي,2003, 108)
ويقدم التعلم الالکتروني للطالب من خلال برامجه ووسائله وأدواته مجالاَ أوســـع للتعلم الذاتي ويؤهله لمرحلة التعليم الجامعي, ويوفر للمعلم التفاعل المباشر وغير المباشر مع طلابه والتقويم المستمر لهم.(ضياء الدين زاهر وآخرون,2010, 814-815)
ونتيجة لتضافر الخبرات التکنولوجية في مجال التعلم الالکتروني ظهر ما يعرف بالمختبرات الافتراضية التي وفرت عروضاَ بانورامية ارتبطت بأکثر من حاسة بالجسم فاستطاع معها المتعلم أن يحس ويلمس کما استطاع أن يتفاعل مع المعلومات الموجودة بالحاسب الآلي.(السعدي الغول, 2011, 450)
وتنتج الأهمية التعليمية للواقع الافتراضي من أنه يعمل على نقل الوعي الإنساني إلى بيئة افتراضــية يتم تشکيلها الکترونياً من خلال تحرر العقل للغوص في تنفيذ الخيال بعيداَ عن مکان الجسد. (أحمد سالم2004 ,422).
ولائم الواقع الافتراضي في التدريب تطبيقات التعلم المعتمدة على المحاکاة أو السيناريوهات التي تمکن المتعلم من تطبيق المهارات وتوظيف المعرفة لحل مشکلات معينة تتطابق مع الحقيقة.
(عفاف الياور,2005, 114)
وعند تحليل جوانب التعلم الخاصة بالبيئات الافتراضية نجد أن لها مميزات عديدة أهمها: (محمد عبد الحميد, دينا إسماعيل, 2009, 123)
- تنمية التعلم الايجابي المرتکز حول المتعلم بجانب حل المشکلات, وإتاحة الفرصة للطلاب لأداء أبحاث واقعية لاکتشاف معلومات عديدة, ووضعهم في أدوار تعدهم لبيئة العمل, بالإضافة إلى بناء الوسائط والمواد التعليمية وتوفيرها للطلاب.
واستناداَ لما سبق فقد أشارت العديد من الدراســــات على أهمية وفاعلية المختبرات الافتراضـــية
بأشکالها المختلفة في تنميـــــــة العديد من المتغيرات, ومن هذه الدراسات ما يلي:
دراسة (نجوان القباني،2007): والتي توصلت نتائجها الى فاعلية المختبرات الافتراضية في تنمية القدرة على التفکير والتخيل البصري وفهم بعض العمليات في مادة الهندسة الکهربية, ودراسة (Alipaua, 2010): والتي أثبتت نتائجها فاعلية المختبرات الافتراضية في تنمية المفاهيم المجردة في الکيمياء وتهيئة الطلاب للتطبيقات المختبرية, ودراسة (هالة حسين, 2013): والتي توصلت نتائجها إلى فاعلية استخدام المعمل الافتراضي في تصويب التصورات الخطأ لبعض المفاهيم العلمية وتنمية بعض عادات العقل, ودراسة (:(Radhamani, 2014والتي أثبتت نتائجها فاعلية المختبرات الافتراضية في تحسين الأداء المهاري وتنمية المفاهيم البيوتکنولوجية, ودراسة (محمد الربعي,2016): وتوصلت نتائجها إلى فاعلية المعمل الافتراضي القائم على الاکتشاف الموجه في تنمية بعض المفاهيم الکيميائية ومهارات التفکير, ودراسة Bactol,2017)): والتي توصلت نتائجها الى فاعلية المختبرات الافتراضية في تنمية المهارات المختبرية وتعزيز عملية التعلم.
وتأسيسا على ما سبق يحاول البحث الحالي استخدام المختبرات الافتراضية لتنمية بعض مهارات حل المشکلات والاتجاه من خلال مادة الأحياء.