ينتمي موضوع الدراسة الحالية " الرفاهية النفسية وعلاقتها باليقظة العقلية والتفاؤل لدى طلبة الجامعة ذوى التفکير الإيجابي والسلبى من الجنسين إلي علم النفس الإيجابي حيث يعتبر أحد فروع علم النفس الحديثة.
وقد يتعرض الشباب في المرحلة الجامعية إلي صنوف مختلفة من الإحباطات والضغوط النفسية الناتجة عن الأحداث الحياتية والتي أصبحت سمة العصر الحاضر, والتي تعزي إلي أسباب قد تکون إجتماعية أو إقتصادية أو أسرية أو دراسية, وفي ظل الخبرة المحدودة للشباب في بداية المرحلة الجامعية, يواجه العديد من المشکلات والمعوقات التي تحول دون تحقيق أهدافه, أو الوصول إلي تحقيق مستوي کاف من الرضا عن الحياة والرفاهيةالذاتية والرفاهية النفسية أو الصحة النفسية الإيجابية. ولاشک ان مستوى الرفاهية النفسية المدرکة للطالب الجامعى ومقدار ما يشعر به من سعادة يرتبط بالتفکير الايجابى لديه ونظرته التفاؤلية للحياة وهو ما يؤثر إيجابيا على مدى ما يشعر به من طمأنينه نفسية أو أمن نفسى وهو المتغير الذى تکرر ذکره من قبل الباحثين عند تعريفهم للرفاهة النفسية مما يدل على أهمية الرفاهية النفسية فى تحقيق الطمأنينة النفسية لدى الفرد ووفقا لماسلو Maslow فإن الامن النفسى والصحة النفسية شيئان مترادفان کما أن إدراک الفرد أن بيئته آمنة ويشعر فيها بندرة التهديد والقلق والشعور بالأمن شرط ضرورى من شروط الصحة النفسية. (أحمد عبد الخالق، 1983: 248)
وبما أن الشباب هم عماد هذا المجتمع وأساس نهضته واستقراره, فلا يمکن أن يتحقق ذلک دون أن يتمتع هذا الشباب بقدر عال من التفکير الإيجابي ويعد التفکير عاملا من العوامل الأساسية في حياة الإنسان فهو الذي يساعد على توجه الفرد في حياته کما يساعد على حل کثير من المشکلات وتجنب الکثير من الأخطار وبه يستطيع الإنسان السيطرة والتحکم على أمور کثيرة وتسيرها لصالحه ولقد ظهر مفهوم التفکير الايجابي مع ظهور علم النفس الايجابي في اواخر التسعينيات من القرن الماضي على يد مارتن سليجمان, "واستقي هذا المفهوم من خلال عدد من المفاهيم المختلفة, منها التفکير البناء, والذي قدمته النظرية البدائية وهو يرکز على اکتساب مهارات نفسية لمواجهه المشکلات, والتفکير الفرصة والذى قدمته (سوليفان Sullivan، (1953, والذي يرکز على زيادة انتباه الفرد وتفکيره في أبعاد النجاح أي مشکلة, وليس الترکيز على جوانب الفشل فيها." (أماني سعيدة سيد, 2005: 107).
ويعد التفکير "الإيجابي والسلبي" من المفاهيم التي تستحوذ على اهتمام بالغ في هذا المجال نظراً لارتباطه بالصحة النفسية للفرد والإنجاز، فطريقة التفکير التي يتبعها الناس سواء کانت إيجابية أم سلبية إنما هي طرق متعلمة وليست موجودة مع الإنسان منذ الطفولة کما يعتقد الکثيرون، ذلک أن التفکير الإيجابي هو مهارة يمکن تعلمها وإتقانها والاستفادة منها، والدليل على ذلک الدورات التدريبية في التنمية البشرية، والتي لها سوق رائجة في ربوع العالم، وعلى العکس من ذلک نجد أن التلاميذ من ذوي التفکير السلبي مصابون بالإحباط والفشل واليأس والشعور بأن مشکلاتهم لا يمکن حلها، مما قد يکون له الأثر على دافعيتهم للإنجاز وتحصيلهم الدراسي، فهم يعبرون عن أنفسهم بشکل سلبي ويميلون للانسحاب من المواقف الاجتماعية وتقل قدراتهم التحصيلية (أماني برغش، 2014: 2).
فالتفکير السلبي هو "التفکير الذي يوحي إلى السلبية وهو يعني وجود خلل في المحافظة على التوازن السليم في إدراک مختلف المشکلات، ويعني الترکيز على السلبيات بدلاً من الترکيز على الإيجابيات، مع توفر النظرة التشاؤمية للأمور"ويؤثر التفکير السلبي بصورة سلبية على مستوى اليقظة العقلية وأحياناًإلي انعدامها لدي طلبة الجامعة .
فضلا عن انعدام اليقظة العقلية يولد نظره احادية الاتجاه وقطعية للأحداث التي يمر بها الفرد مما يؤدي به الى الرکود الفکري وعدم تقبل الرؤية الجديدة، سواء کانت اجتماعية او ممکنة، وهذا يجعله يتسم بالسلوک الآلي والدوارن في حلقة مفرغة وبالفرد حاجة الى تعرف انفعالاته ووصف مشاعره وحاجاته (يونس، 2015، 2)
ويقول دييو Deyo أنه: يمکن تصور اليقظة العقلية کممارسة وکحالة من حالات العقل. بالنسبة لممارسة اليقظة العقلية يتم دراستها عادة خلال التفکير وتتضمن التوجيه العمدي لانتباه الفرد نحو خبراته الداخلية والخارجية التي تحدث فى اللحظة الحالية. ووصفت بأنها قلب التعاليم البوذية وتم ممارستها بهدف تخفيف المعاناة لمدة آلاف من السنين. لکن تأمل اليقظة العقلية لا يحمل أي مضامين دينية. في الحقيقة نجد تعريف رجل الدين البوذي ثيتش نهارت (1976) يکشف عن بساطتها وسهولة ممارستها فيقول: عند المشي يجب على الممارس أن يکون واعيا أنه يمشي، وعند الجلوس يجب على الممارس أن يکون واعيا أنه يجلس، وعند الاضطجاع يجب على الممارس أن يکون واعيا أنه مضطجعا، لا يهم ما يفعله الممارس لکن يجب أن يکون واعيا بما هو عليه. إذا مارسنا بهذه الطريقة سنعيش في يقظة عقلية مباشرة ومستمرة" ويمکن تعريف اليقظة العقلية کذلک أنها حالة من العقل مرادفه للوعي، حيث نمر بتجربة کل حدث يبزغ فينا بفضول وتفاجؤوا کما لو کانت التجربة لأول مرة. بينما يکون لدي العقل ميل طبيعي للاستقرار فى الماضي أو القلق على المستقبل فإن اليقظة العقلية تنمي فينا نقله هادئة للعقل ليرجع إلى اللحظة الراهنة. (Deyo, 2006: 9).
وارتبطت اليقظة العقلية قديما بالحرية الروحية والاتجاه السائد في علم النفس، ولا تتعارض اليقظة مع أي معتقدات او تقاليد دينية او ثقافية او علمية، بل هي مجرد وسيلة عملية للشعور بالأفکار والاحاسيس الجسدية والمشاهد والاحداث والروائح، وهي تأخذ الکثير من الممارسة والتفکير والوعي حول ما يتعين على الفرد القيام به (الزبيدي، 2012: 47)
وفي الحقيقة انه لا يمکن الحديث عن الرفاهية النفسية دون الحديث عن اليقظة العقلية التي تعد عنصراً مهما من عناصر الصحة النفسية ولا ننسي دور اليقظة العقلية في جعل الفرد علي وعي بأفکاره ودائما التامل فية کل الأحداث التي تدور حول الفردحيث أن ممارسات اليقظة لها دور ايجابي في التخلص من الأفکار السلبية واعطاء العقل قدر کاف من التفکير الإيجابي مما يجعل الفرد دائماعلي الشعور بالرفاهية النفسية ولاننسي الدور الفعال للرفاهية النفسية لدي طلبة الجامعة حيث تجعل الفرد دائما ذونظرة متفائلة نظرا لارتباطها بالسعادة.