منذ ان استوي رب العزة علي عرشه ، وخلق الأرض في صورتها الاولي ، ثم خلق الإنسان ذلک المخلوق ذو البناء المعجز والقدرات الهائلة والذي استطاع أن يعطي ويعمر هذه الارض بفضل ما حباه الله الخالق من قدرات عقلية غير محدودة ناتجة عن إعمال العقل وهما في تطور دائم بقدرته سبحانه وتعالي في شتي المجالات ومختلف فروع العلم والمعرفة.
( محمد کامل، 1996 : 1 )
ولکن الکمال صفة ينفرد بها المولي عز وجل، وقد اقتضت حکمة الله ألا يکون البشر سواء ، فهناک من الخلق من فضلهم الله في الرزق ومنهم من اعطاه الله بسطة في العلم ومنهم من حرمهم الله من بعض حواسهم،أو فقدوها نتيجة مرض أو حادث ينتج عنه عجز أو إعاقة من نوع معين ، قد تکون بدنية أو نفسية أو عقلية أو حسية .
ويشار الي انه من أهم المعايير التي يقاس بها التقدم الحضاري لأي مجتمع من المجتمعات هو مدي رعاية الدولة لأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة ، لذا تهتم دول العالم قاطبة برعاية هذه الفئات علي اختلاف اعاقتهم .
(حسين داوود ، 1996 : 9 )
ومما لاشک فيه أن ظهور ازمة ما في حياة أي منا تشعره بعدم الاتزان ، ويشعر أنه غير قادر عن مواجهة الموقف لوحده، وهنا لابد من توفر قوى خارجية داعمة له تعينه على تجاوز المحنة ، ومن الواضح أن أشد أنواع الازمات التي يمکن ان تلم بالأم وجود طفل يعاني من اضطراب التوحد، الذي يعتبر اقسى انواع الاضطرابات النمائية على الإطلاق ، حيث تشعر الأم أنها لا توجد بينها وبين طفلها اي صيغة تفاهم ، فهو کتلة لحمية موجودة في المنزل لا تعرف الأم کيف تتعامل معها فالتوحد يعد من أکثر الإعاقات النمائية غموضا لعدم الوصول إلى أسبابه الحقيقية على وجه التحديد من ناحية ، وکذلک شدة غرابة أنماط سلوکه غير التکيفي من ناحية أخرى ، فهو حالة تتميز بمجموعة أعراض يغلب عليها انشغال الطفل بذاته وانسحابه الشديد، إضافة إلى عجز مهاراته الاجتماعية ، وقصور تواصله اللفظي وغير اللفظي، الذي يحول بينه وبين التفاعل الاجتماعي البناء مع المحيطين به .
(Ingersoll, Brooke & Dvortcsak ,Anna ,2010 : 215 )
يقضي الأطفال الصغار معظم أوقاتهم في تفاعلات مع امهاتهم والتي تتم وجها لوجه بحيث يکون ترکيز الطفل فى مراحله الأولى على أمه وترکيز الام على طفلها ، وتکون تحديقة العينين وتعبيرات الوجه وتبادل العواطف هي العناصر الأساسية في هذه التبادلات ، وعندما يصل الطفل الى سن الـ خمسة أشهر او الـ ستة أشهر تأخذ هذه التفاعلات اتجاها جديدا بإضافة شيء ثالث کلعبة أو دمية يرکز عليها الطفل والأم أو المربية أو من يقوم برعايته في نفس الوقت .