يمر العالم في أوائل القرن الحادي والعشرين بثورة معلوماتية تجتاح شتى مجالات العلوم و مناشط الحياة البشرية وتسعى دول العالم المتقدمة والنامية على حد سواء الى تطوير مؤسساتها المختلفة مسايرة لتلک الثورة العلمية التکنولوجية , ويعتبر النظام التعليمي من أکثر الأنظمة ارتباطا بما حولة تأثراً و تأثيراً باعتباره وسيلة المجتمعات التي لا تستطيع ان تحيا بمعزل عن روح هذه الثورة العلمية والتکنولوجية وعن اساليبها , واذا کان التعليم هو السبيل لتجاوز التخلف فانه لن يکون کذلک الا اذا حقق في ذاته وداخل مؤسساته الثورة العلمية والتکنولوجية .
ويشير ابراهيم الفار (2012 : 31 ) الي ما حدث من تغير هائل في مستوى التکنولوجيا التي عرفت بتکنولوجيا القرن الواحد والعشرين وهى أدوات تکنولوجية مرت بتحولات عديدة من أدوات تکنولوجية محددة الى تکنولوجيات تشارکية تتيح للطلاب المشارکة في تصميم المناهج وانتاج المعرفة , وکان من نتائج هذه الثورة التکنولوجية والمعلوماتية أيضا حدوث مزيد من التغيرات ومجموعة من التحديات التي تواجه العالم بشکل عام ، ومجتمعنا بشکل خاص فالتحديات التي تواجه هذا العصر تفرض على التربية ضرورة مراجعة مناهجنا کي تواجه ثورة المعلومات وتواکب التقدم العلمي في کافة المجالات ومن هنا تأتى أهمية تقويم المناهج التعليمية في ضوء مهارات التکنولوجيا في القرن الواحد والعشرين .
لقد اصبح من الواجب أن نهيئ أبنائنا لهذه التحديات العلمية والتعليمية ونساير الاخرين عبر تطبيق العلوم المختلفة التي اصبحت من ضروريات الحياة ؛ لدرجة جعلت المجتمع الذى يتملک مقاليد العلم والتکنولوجيا هو الاقوى وهذا ما يفسر التقدم السريع الذى نشهده في علوم الذرة والفضاء والتقنيات التکنولوجية وغيرها من الميادين .
ويؤکد النابى(Al –Naibi,2008:41 ) على اهمية تکنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحسين جودة التعليم وان تأثير استخدام التکنولوجيا في تحصيل الطلبة وزيادة دافعيتهم للتعلم وتنمية قدرات التفکير الابتکاري والقدرة على حل المشکلات وتقليل زمن التعلم مما ادى دول العالم کافة الى ادخال تکنولوجيا المعلومات والاتصالات في انظمتها التعليمية
وأوصت العديد من الدراسات ومنها دراسة محمد مصلح (2013 ) بالاهتمام بادخال الاساليب التکنولوجية الحديثة عند صياغة موضوعات منهج الکمبيوتر وتکنولوجيا المعلومات بما ينمى المهارات والانشطة العلمية والتکنولوجية للطلاب وبما يتناسب مع التقدم العلمى .
کما اکدت العديد من الدراسات على ضرورة الاهتمام بالتکنولوجيا وعلى الدرو الفعال لها فى المراحل التعليمية عامة وفى مرحلة التعليم الثانوى خاصة ومنها دراسة ( عايد حمدان 2014 ) ودراسة (عواطف عبدالعزيز 2012 ) .
وقد ذکرت وزارة التربية والتعليم المصرية (2016) أن لمنهج الصف الثاني الثانوي العام يهدف لتنمية بعض المهارات ومنها : مهارات التعلم الذاتي ، مهارات التعلم الإلکتروني ، مهارات التعلم التعاوني
ومهارات التفکير بأنواعه المختلفة . ولما کانت عملية التعليم واکتساب المهارات تمثل ضرورة لکل إنسان وجزء اساسي من مکونات حياته فان الحاجة تستدعي دراسة مدي قدرة مناهجنا علي تنمية هذه المهارات.
ويؤکد کمال الدين محمد و حسن جعفر (2011 ، ص193) ان تقويم المنهج اصبح عملية اساسية ومهمة من اجل معرفة قيمة او جدوى هذا المنهج للمساعدة فى اتخاز القرار لمواکبة التطور المعرفى والتقدم التقنى المتسارع الذى يفرد على الخبراء اعادة النظر فى المناهج ، وان المنهج هو المحتوى والطريقة والممارسة ،والمواقف والأنشطة التي تقدم للطلبة لتحقيق أهداف معينة في ضوء الفلسفة التربوية للمجتمع.
ويتضح مما سبق ان عملية تقويم المناهج ومدي مواکبتها للتغيرات العالمية المعاصرة تعتبر خطوة اساسية في سبيل تطويرها وتأتي المناهج التکنولوجية مثل الکمبيوتر للصف الثاني الثانوي العام کأحد هذه المناهج ومن أکثرها ارتبطا بطبيعة العصر الذي نعايشه باعتباره ينمي مهارات المتعلم التکنولوجية اللازمة للحياة في القرن الحادي والعشرين التي اصبحت تمثل متطلب حياة.
فالتعليم فى القرن الحادى والعشرين لم يعد يعنى بمهارات تحصيل المعارف والعلوم ،بل أصبحت هناک مهارات اخرى يجب تقديمها للمتعلمين لاعدادهم إعداداً مناسباً للحياة فى القرن الحادى والعشرين ،وقد تناولت العديد من الدراسات مهارات القرن الحادى والعشرين ومدى تضمين المناهج التعليمية لهذه المهارات والاستفادة منها فى العملية التعليمية ومنها دراسة شرين محمد (2016) التى تناولت تقويم منهج الدراسات الاجتماعية بالمرحلة الابتدائية فى ضوء بعض مهارات القرن الواحد والعشرين ، ودراسة حمد الکلثم (2013 ) والتى هدفت الى تحليل محتوى کتاب الفقة للمرحلة الثانوية فى ضوء مهارات القرن الواحد والعشرين ، و دراسة مروة محمد (2013 ) والتى هدفت الى تطويرمنهج العلوم للصف الثالث الاعدادى فى ضوء مهارات القرن الواحد والعشرين .
وکذلک العديد من الدراسات الاجنبية التى إهتمت بتنمية مهارات القرن الواحد والعشرين منها :
دراسة کوفمان Kaufman( 2013) التى کشفت عن أهمية إعداد برامج تدريس مهارات القرن الواحد العشرين ، ودراسة براون (Browv(2009 التى أوضحت أهمية إستخدام أنواع عديدة من الاسئلة التى تستخدم المدخل المعتمد فى تنمية مهارات القرن الحادى والعشرين ودراسة Kivunja(2015),Roblin,voogt (2010 التى تناولت تحديد مهارات القرن الواحد والعشرين لما لا من اهمية کبيرة فى المناهج التعليمية .
وانطلاقاً من أهمية المنهج وتأثيره علي العملية التعليمية فقد اتجهت الدراسات نحو مجال تقويمه و التعرف علي مدي تحقق نواتج التعلم لمنهج الحاسب الآلي في ضوء عديد من المتغيرات ومنها :
دراسة حمدى محمد (2013) والتي تهدف تقويم منهج الحاسب الالى للصف الاول الثانوى الصناعى من وجهة نر المعلمين والتي أکدت نتائجها علي مواجهة استخدام التکنولوجيا في المرحلة الثانوية للعديد من المشکلات المرتبطة بالمعلم والمتعلم والبيئة المدرسية .
دراسة خميس خميس (2010) والتى هدفت إلي التعرف علي معوقات استخدام تکنولوجيا المعلومات والاتصالات في تدريس الجغرافيا بالمرحلة الثانوية , وأکدت نتائجه علي تنوع هذه المعوقات وارتباطها بعناصر العملية التعليمية ومنها المتعلم ذاته .
دراسة زينب احمد ( 2013) والتي هدفت الى تقويم منهج تکنولوجيا عامة لطلاب الصف الاول من المرحلة الثانوية الصناعية نظام الثلاث سنوات في ضوء احتياجات سوق العمل والتي اثبتت نتائجها أهمية تقويم مناهج الکمبيوتر والتکنولوجيا والحاجة الي تنمية مهارات المتعلم بشکل مستمر في هذا المجال .
دراسة نجلاء محمود (2014) والتي هدفت الى تقويم منهج الکمبيوتر وتکنولوجيا المعلومات للمرحلة الاعدادية في ضوء معايير الجودة حيث کشفت نتائج هذه الدراسات مجموعة من الصعوبات التي ارتبطت بکل من المعلم والمتعلم والمحتوى الدراسي المقدم والبيئة التعليمية, وأثبتت أن عدداً من المعوقات يرتبط بالمتعلم وأوصت بالتقويم المستمر للمناهج في المراحل الدراسية المختلفة .
ويعد منهج الکمبيوتر وتکنولوجيا المعلومات واحدا من وسائل التغلب علي المعوقات التي ترتبط بالمتعلم ذاته, حيث تتضمن اهدافه ضرورة تنمية مهارات المتعلم التکنولوجية , الآ أن الواقع يشير إلي ظهور منهج الکمبيوتر وتکنولوجيا الاتصالات للصف الثاني الثانوي العام وما قد صاحبه شکوى المستفيدين من الطلاب والمعلمين واولياء الامور والموجهين من هذا المنهج ومکوناته , ونظرا لعملي کمعلمة لمادة الکمبيوتر وتکنولوجيا المعلومات فقد لاحظت تلک الشکوى وعايشتها في کثير من مواقف العمل اليومية , وللتأکد من ذلک قمت بإجراء دراسة استطلاعية من خلال عمل مقابلات مع المعلمين والطلاب واولياء امور الطلاب والموجهين أشارت إلي وجود مشکلات ترتبط بهذا المنهج وعمليات بنائه وتطبيقه وعدم تحقيقه لمتطلبات المتعلمين وتنمية المهارات الضرورية للتعامل مع القرن الواحد والعشرين ومتطلبات الحياة فيه وهو ما يشير إلي ضرورة النظر إليه وتقويمه في ضوء ما يجب أن يحققه من نواتج تعلم ترتبط بحياة المتعلم في القرن الحال .