نتيجة للتطور المعرفي والتقني الکبير شهدت الإدارة التربوية تغيرات کبيرة اتضحت في تغيير أهدافها ، واتساع مجالاتها فلم تعد مقتصرة على تسيير شئون المدارس والأعمال الروتينية بل أصبحت تجمع بين النواحي الإدارية ، والفنية في آن واحد ، وتعني بکل ما يتصل بالأعمال الإدارية ، وما يتصل بالطلبة ، والمعلمين ، والإداريين ، والمناهج ، والأنشطة التربوية ، والإشراف الفني وربط المدرسة بالمجتمع المحلي فضلاً عن کونها عملية انسانية هدفها العنصر البشري بالدرجة الأولى ، اذ تسعى إلى توفير الظروف والإمکانيات المتاحة التي تساعد على تحقيق الأهداف التربوية والإجتماعية المنشودة ( غنيمات ، 1990 ) .
ولقد فرض واقع المجتمع المعاصر على الإنسان تغيرات جادة وسريعة قد تتجاوز إمکانياته على الإستجابة لهذه التغيرات المتلاحق والسريعة وعلى التکيف معها واستيعابها ، وإيذاء هذه التغيرات قد يعاني الإنسان حالة من إختلال التوازن ، وذلک لأن تغيرات جادة ومفاجئة ومتلاحقة قد أحاطت بالإنسان فعجزت أجهزة التکيف والتلاؤم عن ملاحقتها ، والإستجابة لها ( محمد اسماعيل ، حنان ، 2007 ) .
وعادة ما يواجه المعلمين کثير من متطلبات العمل التي تخلق التوتر مثل ( افتقارالطلاب للنظام والأدب ، والشجار ، والتغيرات في التقنيات الجديدة ) وبإمکان هذا الموقف أن يخلق لديهم نوعاً من التعاسة خاصةً عندما لا تتوافر لديهم الموارد الکافية لمواجهة هذه المتطلبات ( Bakker , 2007)
إلا أن) يونس ودلفاف ، 2011 ) يشيران إلى أن المعلمين بصفة عامة يشعرون بانفعالات تجارب سيکولوجية إيجابية ، خاصة عندما يمتلکون موارد شخصية ، ومهنية کافية لمواجهة متطلبات العمل المتزايدة ، مما يساعد هؤلاء المعلمين في تکوين رأس مال سيکولوجي إيجابي ، ويرى أيضاً أنه بالرغم من تعرض هؤلاء المعلمين للعديد من ضغوط العمل والتوتر إلا أنهم ينعمون بقدر من الرفاهية والتنعم الذاتي.
وتعکس الرفاهية الذاتية تقييم الأفراد لحياتهم . والرضا عن بعض مظاهر الحياة مثل العمل العلاقات الإجتماعية ، الصحة ، الإبتکار ، المعنى والهدف ( يونس ودلفاف ، 2011 ) ، وتشير الرفاهية الذاتية إلى ما يفکر فيه الأشخاص وکيف يشعرون تجاه حياتهم . وإلى الاستنتاجات المعرفية والإنفعالية التي يصلون إليها عندما يقومون بتقيييم وجودهم ( باشا و عبد الستار ، 2015
ونظراً لأن السلوک الوظيفي للفرد يرتبط بسلوکه العام ويعتبر جزء منه ، وأن الأفراد المحبين لوظائفهم يعملون بکفاءة أعلى وإنتاجية أکبر من الذين لا يحبون وظائفهم بصفة عامة ، کان من الضروري دراسة الإستغراق الوظيفي لدى المعلمات لأنه يعبر عن درجة اندماج الفرد في آداء مهام وظيفته التي يمارسها ويشعر بأهميتها ، ويؤثر ذلک الإستغراق على الجانب الوجداني لدى الفرد ، ويظهر ذلک من خلال ما يحققه ارتفاع مستوى الإستغراق الوظيفي من مشاعر إيجابية مثل السعادة والرضا وتقدير الذات العالي ، ويظهر العکس عندما ينخفض مستوى الإستغراق ، ويتضح مدى التأثير السلبي له على المشاعر من خلال الضيق ، والکآبة ، والقلق ويعد الإستغراق الوظيفي من الموضوعات الهامة التي تم طرحها في السنوات الأخيرة .