ظهرت في نهاية القرن العشرين متغيرات عالمية شديدة ، غيرت وجه العالم سياسيا ، فنحن نعيش حضارة جديدة ، هي مزيج من التقدم التکنولوجي ، والثورة المعلوماتية الفائقة السرعة في إطار نظام عالمي جديد  له هياکله ونظامه الإنتاجي المتميز وانعکاساته وأثاره في مختلف المجالات ، مما يؤدى إلى تغيير جذري في شکل الحياة ، وفى مؤسسات التعليم ومخرجاته ومتطلبات سوق العمل.ولقد کانت لتلک المتغيرات المختلفة والتحديات المتباينة انعکاساتها على قيم الشباب (^[1]). وأصبح الإهتمام بقضايا الشباب ظاهرة عالمية حيث حظيت بمزيد من العناية والرعاية في مختلف المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء ، ومما لا شک فيه أن الدعامة الرئيسية في بناء المجتمعات تتمثل في محاولة استثمار الطاقات البشرية وتوجيهها ، على اعتبار أن الثروات البشرية لا تقل أهمية عن الثروات المادية بأي حال من الاحوال. وتقع مسئولية ذلک على عاتق الجامعة باعتبارها أهم وسيط من وسائط التربية إلى جانب أنها أهم المراحل التعليمية التي يمر بها الفرد في حياته ، حيث إنها تلعب دوراً هاماً وحرجاً في المساهمة بشکل کبير في تکوين شخصية الفرد وصقلها بل وتحديد ملامحها العامة ، وبخاصة بعد أن تغيرت النظرة لوظيفة الجامعة التي لم تعد قاصرة على البحث في المعرفة ونقلها، بل أصبح ينظر إليها على أنها مرکز لخدمة المجتمع (^[2]). فالنهوض بالشباب فکريا وسياسيا يعد من أهم أهداف الجامعة وهذا يتطلب أن تعمل الجامعة اليوم على تزويد طلابها على اختلاف تخصصاتهم بقدر مناسب من الثقافة السياسية على المستويين القومي والعالمي ، کما ينبغي أن تلعب دورا بارزا في نشر هذا النوع من الثقافة لکافة أبناء المجتمع بصفة عامة([3]). ففي هذه المرحلة يتسارع نمو الشباب ، وتتبلور شخصيته في نواحيها الجسمية والعقلية والإنفعالية والاجتماعية ، وفيها يمکن التوجيه والإرشاد والتربية والإعداد والتقويم ، حيث يوشک هؤلاء الشباب على تحمل قيادة مجتمعهم ، ومن ثم يتوقف عليهم تقدم وبناء هذا المجتمع([4]). ونظرا لأهمية التربية السياسية والوعى السياسي للشباب ، خصوصا حيث أنها لا تقتصر فقط على ما يتعلق بالأمور السياسية فحسب ، ولکن تهتم أيضا بإعداد الفرد اجتماعيا وإعداده للحياة والمواطنة ليمثل مکانة في المجتمع ، اما قائدا ، ومقودا ، ناخبا ، ومرشحا ، له من الحقوق وعليه من الواجبات يعمل في المجتمع ، ويدافع عنه ، وکل هذا في إطار فلسفة المجتمع([5])، ويعتبر غياب الوعي السياسي قد يؤدى إلى وجود نوع من الفراغ السياسي وانخفاض مستوى المعرفة السياسية بل وظهور بعض السلوکيات الغير مرغوب فيها بالإضافة لوجود بعض مظاهر عدم الانتماء التي تبدو في إهمال الممتلکات العامة في الشوارع والمواصلات والهجرة الخارجية للغالبية(^[6]). وانطلاقا مما سبق فأنه من المهم الإهتمام بدراسة کيفية النهوض بمهام إثراء المعرفة وتنميتها ، ونشر العلم وإعداد الکفاءات المتخصصة وتنمية المجتمع فى الجامعة ، ونشر الثقافة والحضارة والنهوض بالشباب الجامعي فکريا وسياسيا لمواجهة المتغيرات المجتمعية المعاصرة لما لها من تأثيرات کبيرة على وعى ومعرفة وسلوک الشباب الجامعى السياسى.
[1] نبيل على :" الثقافة العربية وعصر المعلومات " سلسلة عالم المعرفة ، الکويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، العدد 256،  ديسمبر 2001، ص401 . [2] نوال حلمى مرسى عطيه : دراسة للأنشطة الطلابية في الجامعة ودورها في تثقيف الطلاب ، رسالة ماجستير ، کلية البنات ، جامعة عين شمس ، 1985، ص ص105-106 . [3] أماني السيد السيد عبور :" الانشطة الطلابية بالجامعة الامريکية بالقاهرة ( دراسة وصفية ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية ، جامعة المنصورة ، 1997، ص 57 . [4] السعيد محمود عثمان ، جمال احمد السيسي ، فرغلي عبد الحميد احمد : ممارسة طلاب الجامعة في مصر لأدوارهم المجتمعية           ( دراسة ميدانية ) ، مجلة التربية ، جامعة الازهر ، العدد ( 108) ، ابريل 2002، ص9 . [5] اميل فهمى حنا شنودة ، التربية السياسية والوعى السياسي لطلاب کليات التربية ( دراسة ميدانية ) القاهرة ، مکتبة الانجلو المصرية ، 1978، ص ص 7-10 . [6] حنان مصطفى محمد کفافى :" التنشئة السياسية لتلاميذ مرحلة التعليم الأساسي في جمهورية مصر العربية ، دراسة ميدانية ، رساله ماجستير ، کلية التربية ، جامعة عين شمس ، 1993،ص8 .