تتمتع البحرين بکثرة الشواهد الأثرية المکتشفة و التي يعود الفضل في التنقيب عنها ودراستها إلي هيئات أجنبية ووطنية ومن خلال تنوع الشواهد الأثرية قمنا بتقسيمها إلي عصرين :
أولاً : بدأ من عهد دلمن (البحرين) :
من حوالي 2500 ق.م حتي عصر ما قبل الإسلام ، نجد أن دلمن تمتلک مقوماتها ککيان جغرافي قائم بذاته ، له دور حضاري و تجاري متميز و صلات اقتصادية و حضارية مع المراکز المجاورة في العالم القديم ، و قد وجد ما يؤکد ذلک من خلال نصوص مدينة ابلا في بلاد الشام و أغلب الطن أن العلاقات التجارية قامت بين بلاد الشام و دلمن منذ هذه المرحلة الباکره . وهناک نصوص متأخرة قليلاً من مدينة لاجاش الرافدية تذکر أن الناس هناک کانوا يزرعون بصلاً من نوع دلمن ، و کان الرافديون يستوردون عطرهم من دلمن .
في الحقيقة استطاع أهل دلمن أن يحققوا أکبر انجازاتهم الاقتصادية و الحضارية عن طريق السلم ، بممارسة الملاحة و التجارة بين مراکز العالم القديم ، فعملوا وسطاء بين وادي السند و بلاد الرافدين و نقلوا إلي مدن أسيا الغربية الأخشاب و العاج و النحاس و الأحجار النفيسة و المرجان و العقيق و الکحل وغيرها . وکذا استمر ازدهار تجارة دلمن ودورها الحضاري حتي سقوط حضارات السند ( مونجودار – حارابا - ) في القرن الثامن عشر قبل الميلاد علي يد الغزاة الآريين .
و من أهم الشواهد الأثرية في هذا العصر
مستوطن الدراز الأثري :
لا تقتصر أهمية هذا الموقع الأثري علي الناحيتين الأثرية و التاريخية حيث يساهم في إيضاح علاقة دلمن بمواقع أخري مجاورة للبحرين اشتهرت خلال الألف الثالث قبل الميلاد کحضارة أم النار في أبو ظبى و نظائرها في بلاد الرافدين و إيران و الهند و بقية شبة الجزيرة العربية
معبد باربار:
يعتبر هذا المعبد أقدم آبدة أثرية اکتشفت في البحرين حتى الآن . و تقدم بقاياه المعمارية شواهد علي حضارة أهل البلاد الذين شيدوا المباني الدينية ، و توضح جانباً هاماً من المعتقدات الدينية و طقوس العبادة التي کان أهل البحرين يمارسونها منذ الألف الثالث قبل الميلاد .
ثانياً : العصر الإسلامي
خضعت البحرين لحکم الدولة الإسلامية بعصورها المختلفة حتي نهاية العصر العباس و سقوط بغداد في أيدى المغول عام 1258 . و أهم الشواهد الأثرية في هذا العصر
1- القلعة الإسلامية :
بنيت القلعة وفق مخطط مربع الشکل طول ضلعة 52,5 متراً و زود کل زاوية من زواياه ببرج أطلق علية اسم أبراج الزوايا . و من المؤکد أن هذه القلعة کانت مبني عسکرياً أقيم لأغراض دفاعية ، ورغم أوجه الشبه بين القلعة ونظائرها البيزنطية المسماة ( کاسترا ) ،کما يلاحظ أن جدرانها صممت على طراز مخططات القصور الأموية المحصنة المعروفة فى بلاد الشام ، نجد أن جدار القلعة الشمالى يعود لفترة ساسانيه متأخرة يدل عليها ما عثر عليه من فخاريات هذه الفترة .
2- المسکوکات :
تعتبر المسکوکات المصنوعة من الرصاص من أهم المکتشفات ، وقد استعملت لأول مرة فى عهد القرامطة ، وفى الفترات التالية مباشرة أى فى القرن الثالث الهجرى ، کذلک عثر على مسکوکات صينية تعود إلى مملکة ( تانج ) فى القرنين الأول والثانى للهجرة ، ومملکة أسونک الشمالية والجنوبية فى القرنين الرابع والخامس الهجرى ، ويستدل من ذلک قيام صلات تجارية وحضارية بين الصين والبحرين عن طريق ميناء کانتون الصينى .
وتعتبر النقود الإسلامية من المکتشفات الأثرية الهامة حيث وجدت ثمان قطع ترجع إلى عهد الأتابکة السلجوقية فى فارس ، ومنهم الأتابک أبو بکر بن سعد الذى غذى البحرين عام 628 هـ وحکمها حتى وفاته عام 658 هـ ، وقد عثر على ستة نقود تعود إلى عهده ، وعثر على مجموعة من النقود فى فترة الحکم بصورة عامة الممتدة من 447- 656 هـ فى البحرين ، ويظن أن هذه النقود السلجوقية النحاسية ضربت فى فارس أما النقود المصنوعة من الرصاص فضرت فى البحرين وهکذا تساهم المسکوکات المکتشفة فى البحرين فى إلقاء الضوء على الصلات الحضارية والتجارية بين البحرين وبعض المناطق .
3- مسجد سوق الخميس :
يعتبر هذا المسجد أخر بناء إسلامى فى البحرين ويعود تاريخه إلى القرن الرابع الهجرى ، أما الروايات التقليدية فتذکر أنه شيد فى عام 992 م فى عهد الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز فى حين ينسب آخرون بناءه إلى عهد الخليفة عبد الملک بن مروان آلا أن نقشاً حجرياً موجود فى المسجد يحدد تأسيسه فى النصف الثانى من القرن الحادى عشر الميلادى ، ويقال بأن المسجد کان يشمل مدرسة ملحقة به کانت منارًا لکثير من المعارف الدينية والدنيوية .