تعتبر شعيرة حرق البخور أحد أهم شعائر التطهير ، بل وتعتبر من أهم شعائر التعبد والتقرب من المعبودات وسائر شعائر الصلوات الدينية الأخرى ([1])، وقد لعبت الشعيرة دورا کبيراً بارزاً فى هذا المجال حيث بلغت من الأهمية أنه لا نجد معبدا خاليا من مناظر هذه الشعيرة .
ومن المعروف أن المصري القديم کان غاية فى التدين ، وکان الفکر الکهنوتي له تأثيراً هاماً فى المجتمع المصري القديم فى حياته اليومية وأعياده المتعددة وکانت شعائر التطهير بصفةٍ عامة وشعيرة حرق البخور بصفةٍَ خاصة من المظاهر الواضحة فى أداء هذه الشعائر ، ويبدو أن الغرض منها الى جانب طرد الأرواح الشريرة ان تُضفي على المجال العام أثناء أداءها الطهارة والسکينة والنورانية .
أما عن فکرة حرق البخور فقد بدأت مع بداية الدولة القديمة وخلال الکهنوت الخاص بالمعبود رع وبدأت هذه المظاهر فى الظهور بوضوح منذ الأسرة الرابعة وقت ازدهار وتکوين هذا الکهنوت القومي والذى تأسست علية معظم الأفکار العقيدية فى مصر القديمة خلال التتابع التاريخي ([2]) .
فقد جاءت بعض مناظر هذه الشعيرة فى مقابر الدولة القديمة وعلى سبيل المثال : -
مقبرة " رع ور " بالجيزة مسجل عليها منظر لصاحب المقبرة يجلس على کرسى يرتدى لباس الرأس الطويل وله لحية قصيرة ويده اليسرى على الصدر واليمنى مبسوطة على الرکبة ، وينظر الى مائدة القربان وخلف المائدة يوجد سبعة أشخاص يقومون بأداء بعض الشعائر منها صب الماء وحرق البخور وتقديم القربان ([3]) .
ونرى انه فى الدولة الحديثة قد حظيت هذه الشعيرة باهتمام کبير فى شعائر الخدمة اليومية للمعبودات داخل المعابد ، کما استخدمت فى الاحتفالات الدينية حيث کانت تصاحب مواکب خروج المعبودات من معابدها وخلال مرورها أمام الناس مثلما کان الحال فى أعياد المعبودات .
وقد اختص هذا البحث بدراسة منظر شعيرة حرق البخور الذي يقدم فيه الملک بيد مبخرة
وبيده الأخرى يضع حبات البخور عليها وذلک فى المعابد المصرية فى العصر الفرعوني وفى العصرين البطلمى والرومانى.
([1]) أدولف إرمان ، الديانة المصرية القديمة ، ترجمة عبد المنعم أبو بکر ، مراجعة محمد أنور شکرى ،
القاهرة 1950 ، ص 199
([2]) سيرج سونيرون،کهان مصر القديمة،ترجمة زينب الکردى،مراجعة أحمد بدوى،القاهرة 1995، ص 39
([3])أحمد مصطفى أحمد ، الکاهن المرتل ، رسالة ماجستير غير منشورة ، آداب سوهاج 1999 ، ص 37
انظر : Junker,H., Giza II , Cairo 1943
وفى مقبرة " نب کا حر " بسقارة ومسجل عليها منظر جنائزى لمرکب تحمل مومياء المتوفى ويبدأ المنظر بشخص واقف داخل مقصورة يرتدى نقبه قصيرة ويمسک بيده ورقة بردى وکأن يقرأها ويتقدمه شخص آخر يمسک فى يده اليمنى عصا طويلة يلى ذلک المرکب الجنزى يجلس على مؤخرتها سيدة يواجهها شخص راکع ، وفى مقدمتها شخص راکع يماثل الذى يوجد على مؤخرة المرکب ، ويتقدم المرکب أربعة أشخاص وکأنهم يؤدون حرکة معينة ويتقدمهم شخصان يرتدى کل منهم الوشاح على صدره ويلى ذلک شخصان واقفان يمسک کل منهما فى يدة مبخرة وفى اليسرى عصا طويلة
أحمد مصطفى ، المرجع السابق ، ص 42 : انظر : Hassn,S.,Mastaba of Neb- Kaw – Her, Cairo 1975