لعل من بين أثمن مخلفات الملوک النوميديين المادية والفکرية التي بقيت شاهدة على عصرهم هو ما أخرجته معاول الأثريين من مواقع متفرقة في أحياء مدينة قسنطينة الحالية التي کانت نواتها الأولى هي ما بقي على الصخر العتيق في أعالي ساحة أول نوفمبر 1954 (لابريش سابقا) (Place de la Brèche) والمتمثل في تلک النصب الحجرية التي علقت على الکثير منها نصوص ذات کتابة بونية وبونية جديدة، ثم إغريقية ولاتينية ويأتي على رأس تلک المواقع الأثرية المشار إليها آنفا ما عرف في أدبيات الأثريين بـ(موقع معبد الحفرة البوني) (Le Sanctuaire punique d'el-Hofra) المتواجد بأعالي ربوة جنان الزيتون الحالية المشرفة على الضفة اليسرى لوادي الريمال بعد التقائه بوادي بومرزوق الذي ينطلق من الجنوب الشرقي للحوض القسنطيني.[1]
لقد کانت اللقى الأثرية التي عثر عليها في موقع معبد الحفرة ، لاسيما في الحملتين الأثريتين المتباعدتين زمنيا عن بعضهما، حيث تمت أولهما سنة 1875 على يد الباحث الإيطالي کوستة (Costa)[2]والثانية امتدت فيما بين 1950 – 1955 على يد الباحثين أ. بيرتي(A. Berthier) ولابي شارليي(L'Abbé Charlier) [3]بمثابة مکتبة قديمة طمرت تحت الأرض بفعل توالي تراکمات الزمن يستطيع المتفحص لها أن يخرج بفکرة واضحة على الجوانب الدينية التعبدية والترکيبة الاجتماعية والثقافية والتاريخية المتوافرة في المدينة حينذاک التي کانت تتعامل مع المعبد وفي هذا الإطار اخترنا أن نقدم أحد النصوص التي علقت على أحد النصب تتعلق بتوضيح نوعية الحکم الذي کان موجودا أثناء القرن الثاني قبل الميلاد في نوميديا وهو على مايلي کما ورد في النص الذي لم يبق من نصبه إلا حقل الکتابة (le champ d'écriture).
[1]أ.د. محمد الصغير غانم: المملکة النوميدية والحضارة البونية " مط. دار الأمة، الجزائر 1998، ص . ص.177 – 187.
[2] Reboud Dr( V.) Quelque mots sur les stèles néopuniques découvertes par LAZARE COSTA, dans R. S. A. C. T. XVIII, 1876 - 1877,PP. 434 - 462.
[3] (- BERTHIER (A.) et CHARLIER (L. R.) Le sanctuaire punique d'el-Hofra à Constantine, Paris 1955 , PP. 4 - 8.