تناول هذا البحث فکرة السيمترية ( الثنائية - التناسق) فى الکتابة المصرية القديمة (الخط الهيروغليفي) فى الحالات التى تأثرت بالظروف البيئية التى عايشتها الحضارة القديمة؛ والسيمترية ظاهرة بيئية نشأت وتطورت من خلال الظواهر البيئية والکونية التي تأثر بها المصري القديم وتفاعل معها ثم أخذت طريقها ليس فقط فى مجال الکتابة بل امتدت إلى أنماط الفن المختلفة (عمارة - لوحات - أبواب وهمية ...الخ) (Hornung, 1986: Sp.122-123).
والسيمترية هي "ثنائية" فرضها موقع مصر الجغرافي المتمثل فى نهر النيل بضفتيه الشرقية والغربية ، وأسهم فى رسم الحدود السياسية والإقليمية لمصر شمالا وجنوبا ((Otto. 1975: Sp. 1148-1150. وتعد السميترية شکل من أشکال التناسق فى الکتابة تأثر بها الفنان المصري القديم قبل أن يکون کاتبا، فکان يتحرى الدقة فى تناسق وترتيب العلامات بحيث تخرج فى النهاية لوحة يمکن للمرء أن يتعرف على سماتها الفنية والرمزية.
فقد شغلت السيمترية فکر واهتمام المصري القديم عند الکتابة حتى تظهر فى شکل يلفت الأنظار لتأکد وتبرز الموروث البيئي الذي يحافظ عليه دائما.
ويتعرض البحث للنقاط التالية:
1- عرض المفردات والعبارات التي تبين ظاهرة السيمترية فى الکتابة.
2- التعليق على المفردات والعبارات للتعرف على الأساليب التي أتبعها الکاتب فى مصر القديمة فى کتاباته لتوضيح ظاهرة السيمترية.
1- عرض المفردات والعبارات :
تبرز ظاهرة السيمترية بشکل واضح ليس فقط فى المفردات ولکن أيضا فى کثير من العبارات التي وردت فى الکتابة الهيروغليفية.
ويمکن للقارئ أن يتتبع ويرصد هذا التنسيق الترتيبى للعلامات من خلال کثير من الأمثلة التي يعرضها الباحث للتدليل على ظاهرة السيمترية.
وقد حاول الباحث من خلال عرض المفردات والعبارات قراءة فکر الکاتب المصري القديم لهذه الظاهرة، حيث يبدو أن خريطة مصر الجغرافية أصبحت راسخة فى ذهن الکاتب حتى إنه تأثر بها عند الکتابة ويبرزها کلما سنحت له الفرصة.
فقد شغل المصري القديم کثيرا جريان النيل حتى أنه تصور أنه قد قسم مصر إلى ضفتين أحدهما شرقية والأخرى غربية.ولذلک حاول الباحث أن يبرز هذا التصور من خلال عرضه للمفردات والعبارات.