کانت صناعة النقود عند العرب من الصناعات السرية حيث يحرص الخلفاء الإشراف المباشرة بأنفسهم على دور صناعات النقود ، وان المحافظة على اعمالها السرية خوفاً من تقليدها وتزويرها خارج دار السک الرسمية وکانت الدار على قدر کبير من الأهمية لما يخزن فيها من سبائک ذهبية وفضية ونحاسية في خزائن خاصة , لذلک کانت تخضع لإشراف الخليفة أو السلطان بشکل مباشر .[1]
وقد عين بدار ضرب النقود قاضي القضاة بإشراف ديوان النظر العام ، وقد سميت دار الضرب أيضاً باسم دار العيّار لأنها الدار التي تعني عناية خاصة بالأوزان للمعدن الخالص من الذهب والفضة وزناً مدققاً فيه , وکان يحفظ في الدار الموازين والمکاييل والصنج ، ولعل السبب في إشراف القاضي على دار الضرب هو لضمان شرعية الدنانير والدراهم التي تسک في الدار ، حيث يکون جواز العيار للمعدن الخالص , والوزن للسبيکة کلها , وکان القاضي يجتهد في خلاص المعدن وتحرير عيارة .
أما متولي دار الضرب فکانت له السلطة المباشرة على العمال في الدار , ومن ثم لا يکون وجوده يتعارض مع إشراف القاضي من الناحية الإدارية , وکان يکتفي بانتقاء نواب له لمباشرة إعمال السک ، ونستطيع القول ان اعمال دار السک يمکن ان تکون في ناحيتين الإدارية والفنية .
فمن الناحية الإدارية فکانت تترکز في القاضي أو من ينوب عنه في تولي الدار من المشرفين المباشرين الدائمين.
أما الناحية الفنية ، فهي کل ما يتعلق بصهر المعادن النفيسة وتحديد عيار الذهب وعيار الفضة ثم ختم السکة بقوالب الضرب ، وهي من أهم الأعمال التي تحقق الغرض من وجود دار السک .
وکما ذکرنا بان الإشراف المباشرة للخلفاء کان ذلک منذ تعريب المسکوکات في عهد الخليفة الأموي عبد الملک بن مروان 65-86 هجرية .
1دفتر ، دکتور ناهض عبد الرزاق : المسکوکات – دار السياسة ، الکويت ، بدون تاريخ ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية . ص 70