ما من شک ان وجود مصدر للمياه النقية الصالحة للشرب ،هو واحد من اهم الأسباب وراء عمران المدن ،و التجمعات البشرية عبر العصور .لم يکن الوضع فى المدن اليونانية المبکرة يختلف عن غيرها من مدن العالم القديم فى اختيار موقع المدينة بالقرب من مصدر للمياه خاصة تلک الأنهار القصيرة التى تميزت بها بلاد اليونان قديما ،بالإضافة الى ما تمتعت به المدن اليونانية من ينابيع طبيعية تتفجر منها المياه سواء عند حواف التلال او فى السهول هذا فضلاً عن مياه الأمطار التى سعى القدماء الى تجميعها فى صهاريج تقام فى أماکن مختلفة.
وبطبيعة الحال کان امداد المياه ،وصرفها فى المدن اليونانية دون نظام واضح مما استدعى اهتمام الحکام منذ عصر الطغاه([1]) بوضع نظم واضحة وفى کثير من الأحيان صارمة للحفاظ على المنشأت التى تمد المدن بالمياه لتصل الى مواطنيهم نقية، صحية،و باردة .
وکما نعلم أن معظم مدن اليونان فى العصر الهللينستى لم تقم على مخطط مسبق ،و انما کان النمو العمرانى بها يتم بشکل تلقائى ،وتراکمى .إلا أن المدن الکبرى مثل اثينا ،وکورنثا،و ميجارا،وغيرها قد تمتعت بشبکة أرضية من قنوات تمتد من مصدر طبيعى لتصل الى قلب المدينة حيث يقام خزان ضخم تتجمع فيه المياه ،وتحفظ، وتنقى لکى يرد اليها من يحتاج من سکان المدينة ،وقد کان من الطبيعى ان يختار موقع هذا البناء بجانب مرکز الحياه المدنية الکبير فى المدن اليونانية ألاوهو الأجورا([2]).
([1]) Austincline, Athens Guide, 1998, p. 200.
([2]) Wycherley, R. E, How the Greeks built cities, The relations ship of architecture and town planning to every day life in ancient Greece Norton & company, New York - London, 1974.