دارستنا جزء من إشعاع النهضة العباسية المتأخرة والتي شهدت نهوضا حضاريا
مشرقا أينعت فيه الجوانب العلمية والفنية کافة بسبب تعاظم اهتمام أصحاب السلطة في
هذه الفترة بأهل العلم والفن وتقديمهم الکثير لدعم المؤسسات العلمية والصناعات الفنية
وتطويرها
فکانت صناعة الوراقين من الصناعات التي لقيت رواجا واسعا وازدهرت فنون الکتاب
من خط وتذهيب وزخرفة وتزويق وتجليد فکان أن أدى ذلک إلى ظهور مدرسة فنية
تعد مصدرا تاريخيا مهما جدا حافلا بصور من المجتمع العباسي في عصره الأخير
سطر لنا نفسه على صفحات المخطوطات من خلال منمنمات نشاهد فيها أشکالا
متنوعة من مظاهر الحياة التي کانت سائدة آنذاک آلا وهي مدرسة بغداد للتصوير
العربي الإسلامي
إن دراسة منمنمات هذه المدرسة تنطوي على أهمية بالغة کونها تقدم تصور يکاد أن
يکون کاملا عن أحوال المجتمع العباسي في عصره الأخير إلى جانب کونه يساهم في
أغناء المسيرة الفنية بإعطائها مقومات الحياة والنماء ونحن هنا نقتصر بموضوعنا على
جانب معين من جوانب هذه المدرسة وهي محاولة متواضعة لإکمال المنهج العلمي
الطويل الذي بدأه الأساتذة المتخصصون قبلي في تأمل جوهر التراث وحثه على
الظهور في أفق الثقافة المعاصرة
هذه الدراسة مقصورة على ما أنتجه الوسط الفني والأدبي في حقل الرسوم التصويرية
المتمثلة في المنمنمات أو التصويرات التي رسمت لتزويق المخطوطات وقامت بدور
وسائل الإيضاح في مقابل النصوص المدونة. وعليه فان الأثاث المدروس هنا ينحصر
في إطار هذه المنمنمات فقط.
وهي تفيد في التعرف على بعض أنواع الأثاث والأدوات المنزلية التي کانت مستخدمة
ولاسيما الخشبية منها والتي تعاني المتاحف من نقص کبير منها بسبب سرعة تأثر
الخشب بالعوامل الطبيعية وغيرها.
کل الأشکال التي سوف تدرس هنا تعکس المهارة ألفائقة والذوق الفني الرفيع الذي
يتحلى بهما الصانع العربي المسلم.
لابد من توضيح مسألة مهمة إن کلمة الأثاث في اللغة العربية ذات دلالة لفضية واسعة
فهي تعني المال کله من متاع ولباس وحشو لفراش أو دثار وغيره وتندرج الإبل