Subjects
-Tags
-Abstract
لعل الباحث والقارىء الجيد لتاريخ الأسرة العلوية بصفة عامة وتاريخ محمد علي باشا[1]بصفة خاصة يجد نفسه حائراً ، إذ أن هناک الکثير من المؤرخين الذين استفاضوا فى ذکر إيجابيات هؤلاء الحکام فى مصرومدى إسهاماتهم ، ولا سيما فترة حکم محمد علي ، وهناک آخرون أوردوا کثيراً من سلبياتهم ، وعابوا عليهم بعض سياستهم ولا سيما الاقتصادية ، إلا أن هذا الأمر يبدو مختلفاً لدى دارسى الآثار والفنون الإسلامية ، فعلى الرغم من العلاقة الوطيدة بين علم الآثار وعلم التاريخ إلا أن دارس الآثار والفنون الإسلامية فى فترة الأسرة العلوية لا يمکنه إنکار ان هذه الإسرة التى حکمت مصر قرابة القرن ونصف من الزمان قد خلفت تراثاً معمارياً وفنياً ضخماً ، ومن ثم فان هناک حقيقة شبه مطلقة لدى علماء الآثار مؤداها أن حکام هذه الأسرة کانوا رعاة فنون لامحالة ، أيا کانت سياستهم ، وأيا کان من قام ببناء عمائرهم أو أنتج فنونهم .
والواقع أنه لا يمکن لدارس الآثار أن يغض الطرف عن هذا العدد الضخم من القصور والفيلات والعمائر الخدمية التى ترجع لهذه الفترة ، والتى تتواجد فى کل بقعه من بقاع مصر، کما أنه لا يمکنه أن يغفل ما تزدان به هذه المنشآت من فنون زخرفية تعکس العديد من التأثيرات الفنية ، ولا يمکنه أخيراً أن لا يرى هذا العدد الضخم من التماثيل[2] المعدنية التى يتواجد بعضها فى عدد من قصور هذه الفترة ،والبعض الآخر مازال موجوداً فى الميادين العامة .
1 راجع ندوة مصر فى عصر محمد علي إصلاح أم تحديث ، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بمناسبة مرور 150 عاماً على رحيل محمد علي باشا ، تحرير عباس (رءوف) ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة 2000م.
2 عرف الفيرروز ابادى الصورة بأنها الشکل أو النوع أو الصفة وکذلک تعنى التمثال،وتجدر الاشارة أنه لا يمکن للباحث تناول دراسة آثارية فنية عن تمثال دون التطرق إلى موقف الإسلام من التصاوير أو التماثيل ، والواقع أن العديد من علماء الآثار والفنون الإسلامية وغيرهم قد استفاض فى تناول هذا الأمر مما يجعلنا هنا لانذکر سوى ما انتهت به هذه الدراسات حيث ترى احدى هذه الاراء انه بالنسبة للقرآن الکريم لا توجد فيه إشارة صريحة لفن التصوير أو الصور وإن کان هناک من يرى انه يشتمل على موقفين مختلفين فيما يخص الصورة المجسمة أى التمثال ، ونجد الموقف الأول فى سورة سبأ (سورة سبأ الآيات 12 ،13) عند الحديث عن سيدنا سليمان وتسخيره الجن فى عمل التماثيل والقصور الشامخة وغيرها،وهنا تجدر الإشارة إلى ان هذا الموقف لا يمکن القياس عليه لأنه من المعجزات والنعم التى وهبها الله لنبيه ورسوله سليمان بن داود وغير قابلة للتکرار. أما الموقف الثانى نجده فى سورة الأنبياء (سورة الانبياء ،الآيات 51: 59) عند الحديث عن سيدنا إبراهيم= =واستنکاره الأوثان التى يعبدها قومه من دون الله. راجع فرغلى(ابو الحمد محمود) ، التصوير الإسلامى نشأته وموقف الإسلام منه وأصوله ومدارسه ،الدار المصرية اللبنانية 1991 ، ص 22 ،کذلک راجع الباشا(حسن)، فنون التصوير الإسلامى فى مصر، الهيئة المصرية العامة للکتاب1994م، ص ص10 ،11.
أما عن الأحاديث النبوية فنجد ان الدراسات السابقة بينها شبه اتفاق انها تتدرج من الشدة إلى التخفيف بخصوص النهى عن التصوير بحيث يمکن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات الأولى تضم بعض الأحاديث التى تنهى عن التصوير وتندد بالمصورين . راجع فرغلى(أبو الحمد محمود)، التصوير الإسلامى، ص 23 نقلا عن:سابق(السيد)،فقه السنة ،المجلد الثانى ج 5 ، 6، 7 ، 8 ،ص 57 ، 58 . ، وتضم المجموعة الثانية بعض الأحاديث التى تبيح الصورة التى لا ظل لها کالصور الجدارية والصورعلى الورق أوعلى الستور. راجع الحلوجى (عبد الستار)، المخطوط العربى ، مکتبة مصباح ، المملکة العربية السعودية الطبعة الثانية 1989م ، ص 183 نقلا عن صحيح مسلم 14 : 85 ، وصحيح البخارى 7 : 168. ، کما تضم المجموعة الثالثة بعض الأحاديث التى تبيح صور لعب الاطفال کالعرائس ونحوها وربما کان من بين الأسباب فى ذلک إثارة غريزة الأمومة عند الشابات الصغيرات . راجع فرغلى(أبو الحمد محمود)، التصوير الإسلامى ، ص ص 24 ، 25.
إذن فالإسلام لا يحرم التصوير تحريماً مطلقاً فمن الصور ما يتخذ لأغراض التعليم أو للتثبت من الأشخاص ،وهذه وأمثالها لا شىء فيها هذا إذا کانت مسطحة وحتى الصور المجسمة تباح إذا کانت هناک ضرورة تعليمية کنماذج الأجسام البشرية التى يدرس عليها طلاب الطب والتشريح ، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم سمح لعائشة أن تحتفظ بما کان عندها من الدمى لتعليم التربية والأمومة، ومن القواعد الأصولية الشرعية أن للوسائل أحکام الغايات والمقاصد ، فإذا کانت الصور تتوقف عليها بعض أحکام شرعية أو معالجات طبية أو کشف مسائل علمية کان اتخاذها ولا شک من المرغوب فيه شرعا ، وإن کانت لمجرد الزينة واللهو المباح کان اتخاذها مباحا ، وأما إذا کانت تتخذ للتعظيم والعبادة والتبرک ونحو ذلک فهى حرام قطعا ، معذب صانعها ، ومعذب متخذها . راجع الحلوجى (عبد الستار )، المخطوط العربى ، ص 184 ، حاشية رقم 15 ص 184 .
DOI
10.21608/cguaa.2011.34573
Authors
MiddleName
-Affiliation
أستاذ الآثار والفنون الإسلامية المساعد،قسم الآثار،کلية الآداب،جامعة أسيوط .
Email
drsameh1@hotmail.com
Orcid
-Link
https://cguaa.journals.ekb.eg/article_34573.html
Detail API
https://cguaa.journals.ekb.eg/service?article_code=34573
Publication Title
حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى"
Publication Link
https://cguaa.journals.ekb.eg/
MainTitle
-