ليبيا شأنها کشأن عديد من دول شمال إفريقيا التي خضعت للحکم العثماني - يوجد فيها عديد من الجوامع والمساجد التي شيدت في تلک الفترة بمراحلها الثلاث[1] ، بيد أن اختياري قد وقع على مثالين فقط من جوامع ذلک العصر , ويرجع ذلک لعدة أسباب، أود أن أسوقها في بداية هذا البحث وهي کالتالي :
هذان الجامعان هما الوحيدان في ليبيا اللذان بنيا على طراز المساجد العثمانية ذات القبة المرکزية , حيث إن هذا النوع من المساجد قد شاع في ترکيا والولايات العثمانية بعد فتح القسطنطينية وتحويل کنيسة أيا صوفيا الى مسجد , بيد أن هذا النوع من تخطيط المساجد لم تعرفة ليبيا إلا بعد عدة قرون من فتح القسطنطينية سنة 857هـ/ 1453م , وظلت محافظة على طراز المساجد العثمانية المبکرة، المتأثر بالطراز السلجوقي , حيث يقسم بيت الصلاة بواسطة صفوف من الاعمدة تحمل بدورها صفوفا من العقود تتقاطع بشکل عمودي وموازي لجدار القبلة فينتج عن ذلک عدداً من المربعات يسقف کل منها بقبة صغيرة , کما في جامع درغوث باشا والناقة بطرابلس والجامع العتيق بدرنة وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
جامع رشيد باشا : أول جامع في مدينة بنغازي يسقف بقبة , حيث إن کل مساجد بنغازي قبل هذا التاريخ کانت تسقف بأسقف مسطحة[2], وظل استخدام
-[1]استمر الحکم العثماني لليبيا ما يزيد عن أربعة قرون ونصف ، قسمت هذه الفترة الطويلة إلى ثلاث مراحل:-المرحلة الأولى وتعرف بالعصر العثماني الأول وقد بدأت عام 1551م واستمرت حتى عام 1711م ، وفى هذه الفترة کانت ليبيا تابعة تبعية مباشرة لعاصمة الخلافة العثمانية في ترکيا ، حيث کان توليه الولاة وغيرها من أمور الولاية تتم بموجب فرمانات يصدرها الباب العالي، أما المرحلة الثانية وتعرف بعصر الأسرة القرمانلية، وتمتد زمنياً من سنة1711م إلي سنة 1835م ، وهى فترة حکم الأسرة القرمانلية، حيث استطاع أحمد باشا القرمانلي مؤسس هذه الأسرة إرساء دعائم حکم وراثي ، إذ لم تعد البلاد في عهدهم تتبع الدولة العثمانية إلا من الناحية الاسمية فقط ، و کانت شبه مستقلة. أما المرحلة الثالثة : فتعرف بالعصر العثماني الثاني ، وتمتد من سنة 1835م ، وحتى سنة 1912م ، وفى هذه المرحلة استطاعت الدولة العثمانية إعادة السيطرة على ليبيا مرة أخرى بعد قضائها على حکم القرمانليين فعادت تبعية ليبيا المباشرة إلى العاصمة العثمانية.
[2]- غاسبريميسانا، المعمار الإسلامي في ليبيا، تعريب علي الصادق حسنين، طرابلس (1392هـ/1972م)، ص 218.